عودة النازحين استدلال آخر على النصر

آراء 2019/04/26
...

وليد خالد الزيدي 
وصفت إحدى النازحات عودتها مع عائلتها إلى مدينتها الموصل بحلم تحقق بعدما كانت تعتقد انه ضرب من الخيال,حينما شاهدت أبشع صور العذاب واقسي أساليب الإرهاب التي مارستها  الدواعش في مشهد رعب عندما اقتيد ابنها ذو العشر سنين إلى مقصلة الموت في يوم استعراضي لرتل داعشي في المدينة المستباحة,حيث قام برشق رتلهم بالحجارة,
وعلمت من أصدقائه بأنه في دار الإفتاء التي ذهبت إليها فقيل لها إن أمره بسيط وسيتم إخراجه غدا بعد القصاص منه,ولم يكذب القائل الخبر,في اليوم الثاني عثر المارة على جثته وعليها رأسه ملقاة في احد الشوارع,وقد طورد والده هو الآخر لمعاقبته,حينها غادرت المدينة وأدركت مع زوجها ان العودة لها صارت بحكم المستحيل.
المستحيل في نظر تلك العائلة وبقية العوائل النازحة لم يشغل حيزا قيد نملة في حسابات أبناء العراق الاصلاء,ولم يخلد في بالهم هاجس الخوف على حياتهم بقدر تفكيرهم بعتق رقاب الناس قبل تحرير الأرض من بطش التكفيريين الذين قدموا من بقاع دانية وقاصية,لقتل العراقيين وشرخ وحدتهم وشق صفوفهم,كما يحدث كل مرة خلال عصور تاريخهم قديمه وحديثه. 
وزحفت جحافل الحق من كل مدن العراق للتحرير والنصر الذي تم في صفحاته العسكرية,وبقيت صفحات أخر تتواصل حلقاتها في ملاحقة ذيول الإرهاب وتنظيف بقاع الوطن منه وتنقية أجواء إلاحياء السكنية لعودة النازحين إلى مدنهم المحررة وهي مطالب حق يسرها الله(جل وعلا)على يد جنده المؤمنين بخطوات عملية وجادة للإسراع في تنفيذ عودتهم كاستحقاق وطني والتزام حكومي بتحقيق عودة أهل المدن المحررة,وتنفيذ أعمال خدمية أولية فيها,وتلك هي ثمرة النصر والتضحيات الغالية لأبنائنا وجهود شعبنا,فقد أقدمت وزارة النقل على إعادة أكثر من مليون نازح لمناطق سكناهم الأصلية في المدن المحررة من عصابات داعش المدحورة،على يد القوات الأمنية وأبطال الحشد الشعبي ضمن سياق برنامج إعادة توطين العوائل النازحة منذ تشرين الثاني عام 2016 لغاية شهر آذار الماضي منهم54 ألـفـا و115 نـازحـا ضمن محور محافظة نينوى,ومليون و3 آلاف و77 نازحا لمحور الانبار,و10آلاف و645 نازحا لمحور صلاح الدين،وآخرون ضمن محاور حمام العليل والقيارة وكركوك.
تلك العودة تشكل بحد ذاتها صفحة أخرى من صفحات العزة وصورة من صور النصر ودلالة على حقيقة الظفر الذي وهبه الله لعباده المؤمنين وجنده الميامين ضد أعداء الدين من عناصر داعش المنافقين,فهدف كل الحروب المشروعة هو”الإنسان”الذي خصه الله بكل مزايا الفضيلة والكرامة منذ يوم خلقه.
من مؤشرات عودة النازحين لمناطقهم,التنظيم العالي,فهي لم تكن عشوائية أو طارئة أو استثنائية,إنما بتدابير منهجية ومدروسة تم التخطيط لها ضمن برامج وتوقيتات دقيقة طيلة الفترة التي أعقبت العمليات العسكرية,وتؤكد الدور المهم لقواتنا الأمنية بتشكيلاتها كافة والشعور العالي بالمسؤولية الوطنية والشرعية الكبيرة والعظيمة أمام الله تعالى وأمام الشعب,حيث أصبح العالم يدرك قدرة الحكومة وقادة وآمرين وضباط وجنود قواتنا الأمنية ومقاتلي حشدنا الشعبي المقدس على امتلاك مواصفات التأقلم مع كل مستجدات منازلة الأعداء والتفاعل مع كل صفحات القتال,والسعي لتهيئة أجواء العيش الأمن لكل مواطني المناطق التي كانت منكوبة من قبل التكفيريين والتي حررت من قبضتهم,وهي إجراءات مكملة لمعركة تحرير الإنسان,وتخليصه من براثن الغدر العدوان,ليعيش باستقرار وأمان.