من نصوص الاحتجاج

ثقافة 2019/04/27
...

 
محمود جمعة
 
لكي لا أموت، كتبتُ إليكِ:
أحتاج أنْ أغنّي، أحتاج أنْ أعدّ السجائرَ على الطاولة، وأحتاج أنْ أصفّ الكأسَ إلى المنفضة، تلك الحياة التي من التمنّي، من المراوغة الأولى عن تفاحتين استفاقتا في يدين من تسليم، تلك أخطاء المترجمين، أو رؤاهم، تلك الكنايات منقولةً عن ظهر ذات، تلك الاستعاراتُ مأخوذةً بالمدح والتصفيق... لكي لا أموت، كتبتُ 
فيكِ:
أحتاج أن أُعتقَ أمّهات الشّعراء، وأنْ أفزّز الأحجارَ في السّور، وأنْ أعيدَ الضّوءَ للممرّ الطويل يا محنةَ الاشتعال، وأنْ أفتحَ البومَ على الشّوارع والبنايات حتى يأخذ صديقٌ نصّي الأخير وهو يقول: (في الغرفة الأخيرة، مُفتّشاً عن ظهر حوت، في السابع من أيلول أموتُ يا عالمُ)، ولم نعرف سنواته الستين... لكي لا أموت، وددتُ لو أنّي أقول 
لكِ:  (خذيني يا ابنة النّسيان، يا زهرةَ الطريق، يا حفنةَ الصّفات)، وكنتِ على شفا المستحيل، تُعدّين النّواحَ، وكنّا مسؤولَينِ عن تقطير الهواء في رئات العابرين...
لكي لا أموت – وأنا أحدّثكُ عن شؤون اللغة – أخبرتُك مرّةً:
هي هذه الأسماءُ بعضُ صفاتِنا
إذ بعضُها يغتالُه التأويـــــــــــــــــــــــــــــــــــلُ
لكي لا أموت قبل أنْ أتّمّ التّمارين، أكتبُ إليكِ هذه الاشارات، وأستبيحُ الأماكن، وأُنذِرُ الواقفين، وأخطّ على الحكاياتِ فضّةَ 
المرور...