الصناديق التنموية التخصصية

اقتصادية 2023/07/13
...

عبد الزهرة محمد الهنداوي

العمل بمبدأ الصناديق، في تمويل المشاريع والأنشطة والفعاليات التنموية والخدمية، ليس أسلوباً اقتصادياً جديداً، إنما هو مبدأ معمول به في الكثير من البلدان، مع التباين بين نتائج تجربة هذا البلد أو ذاك، وفقاً لطبيعة المذهب الاقتصادي السائد والنظام السياسي الحاكم، والموارد المتاحة ومصادر التمويل.ونحن في العراق لدينا أيضاً تجربة في مجال الصناديق، وفي ذات الوقت بنا حاجة لأنواع جديدة من هذه الصناديق، لتلبية المتطلبات الحياتية التي تتسع بنحو متسارع، تجاربنا السابقة هي الأخرى كانت متذبذبة بين النجاح والفشل، أو بين الأمرين، ومن هذه الصناديق التي يعرفها العراقيون، صندوق الإسكان، الذي يمنح قروضه للراغبين ببناء وحدة سكنية، وفق شروط ومعايير يسعى الصندوق من خلالها إلى ضمان ذهاب القرض بمساره السليم، وضمان استرداده أيضاً.أما في ما يتعلق بالجانب التنموي، فالصناديق في هذه المجال شحيحة، بسبب حداثة التعامل معها،  ونشير بذلك إلى صندوق إعمار المناطق المتضررة  الذي أُسس عام 2015، وصندوق إعمار ذي قار المؤسس عام 2021، وهذان الصندوقان يمارسان نشاطهما في رقعة جغرافية محددة لكل منهما، وبالتالي فان الواقع بحاجة إلى صناديق أخرى على المستوى المناطقي والتخصصي والوطني، ولذلك فأن قانون الموازنة الثلاثية (2023 - 2025) تضمن تأسيس عدد من الصناديق الجديدة، يأتي في مقدمتها (صندوق العراق للتنمية)  بتخصيص مالي مقداره (1) ترليون دينار ويهدف إلى تحسين البيئة  الاستثمارية في العراق، وكذلك تأسيس صندوق إعمار المحافظات الأكثر فقراً بتخصيص (500) مليار دينار، وهذا الصندوق يمثل أهمية كبيرة، لأنه سيسهم في كبح جماح الفقر المتصاعد في البلاد، عبر تحقيق التنمية في المناطق الفقيرة، أما الصندوق الثالث فهو صندوق إعمار سنجار وسهل نينوى وبتخصيص مالي يصل إلى (50) مليار دينار، واعتقد أنَّ هذه المناطق فعلاً بحاجة كبيرة لوجود صندوق فاعل يمول عمليات إعادة الإعمار فيها لمداواة الجرح الكبير الذي خلفه الإرهاب بين أهلها.وهناك صناديق أخرى، منها صندوق البصرة العاصمة الاقتصادية بتخصيص مالي مقداره (200) مليار دينار، وصندوق تنمية ودعم قوى الأمن الداخلي، وقبل ذلك صندوق سامراء عاصمة العراق للحضارة.وجميع هذه الصناديق مهمة، وإن كان بعضها ربما يثير شهية أو حفيظة محافظات أخرى مايدفعها للمطالبة لاختيارها عواصم في اختصاصات أخرى، ما يستدعي إنشاء صناديق تخصصية فيها.وبصرف النظر عن مثل هذه التكهنات،  فانني اعتقد أنَّ التجربة الجديدة في تأسيس المزيد من الصناديق التنموية سيسهم فعلاً في دعم جهود التنمية في الكثير من القطاعات، ولكن كل ذلك مرهون بحسن إدارتها، واستدامة تخصيصاتها المالية.