إعداد: أسرة ومجتمع
أمر ليس بالهين، ولكن لا يصعب تنفيذه أيضاً، إذا ما تم الاتفاق بين الوالدين على أن يمر الانفصال بسلام على أبنائهم، دون أن يترك أي آثار سلبية على صحتهم أو سلوكهم، وهذا يتم بالمحافظة على علاقة الود والتقدير والاحترام بينهما، وألا تحدث بينهما صراعات أو نزاعات، فن المعروف أن الطلاق يؤثر في الطفل بداية من مرحلة الرضاعة وحتى مرحلة الطفولة المبكرة، ويمتد حتى المراهقة أيضاً، وهي الفترة التي تشكل مرحلة التطور والنمو النفسي له وتكوين العلاقات مع أبويه وأفراد عائلته ومحيطه.
عن الخطط التي يجب إتباعها وتنفيذها لأجل تربية وتهيئة أطفال سعداء بعد الطلاق، تحدثنا الدكتورة فاطمة الرزي استاذة علم الاجتماع ومحاضرة التنمية البشرية: الطلاق يفقد الطفل الصورة المثالية للوالدين، لا بد أن يتم الخضوع إلى رغبة الطفل، سواء كان يريد البقاء مع والده أو مع والدته، مع الحفاظ على حق الطرف الآخر في رؤيته بانتظام، ألا يحاول أحد الأبوين أن يفسد علاقة الابن أو الابنة مع أمه أو أبيه؛ لأن ذلك يعود بشكل سلبي للغاية عليه.
رغم عمر الرضيع وعدم استيعابه للكثير من الأمور، إلا أنه يتفاعل مع التغيرات المحيطة خاصة أوقات الشجار والتغيرات الملحوظة في مزاج الأم، وتتمثل في فقدان شهيته للرضاعة، مع ميل للبكاء وخوف من دون سبب.
في مرحلة الطفولة تبين الرزي أنه كطفل يشعر أن والديه هما أفضل شخصين على وجه الأرض، وحدوث المشكلات المختلفة بينهما تفقده الصورة المثالية وثقته في كليهما، وبالتالي يكون رافضاً لأي أوامر أو توجيهات تصدر منهما، وعلى المراهقين يؤدي الانفصال إلى إصابتهم بالعديد من الأزمات والاضطرابات النفسية، وحالات من الصداع الدائم واضطرابات في النوم، إضافة إلى التوتر والقلق والشعور بالخوف من كل الأحداث التي تدور حولهم، مع حالة من فقد الشهية والضعف العام، والتعرض إلى النحافة وسوء التغذية والهزال، وأحياناً تتفاقم الأزمة النفسية ويدخلون في حالات اكتئاب شديدة.
جرعة الحنان
مؤكدة أن الطفل بعد الطلاق يحتاج إلى مزيد من الحنان والطمأنينة، وأن يكون أسلوب التفكير صحياً ومتحضراً وتربوياً للوالدين لمساعدته ولتقبله فكرة الانفصال، وتجنب أنماط التفكير السلبية التي تفترض أسوأ الاحتمالات، وقد يحرص الآباء على أن يكون الأطفال أكثر هدوءا وأقل توتراً بين لقاءات والديهم بعد الطلاق؛ حيث إن الحالة الجديدة قد أخرجتهم من بيئة مليئة بالصراعات لبيئة أخرى ينبغي ان تكون هادئة، كما أن الاهتمام بالتفاصيل الصغيرة ومناقشتها، والحفاظ على علاقة جيدة بين المنفصلين وبلغة حوار هادئة تجعل الطفل اكثر هدوءا وأمانا، فالأطفال الذين يحصلون على الدعم ممن حولهم من الوالدين، هم الأكثر قدرة على التكيف مع تغيرات الطلاق، اما اكثر الامور التي يجب تجنبها حسب الدكتورة فاطمة، فهي عدم التحدث بسوء عن الطرف الآخر مع الطفل أو أمامه، ولا تحرض طفلك عليه بأي صورة، ولا تسمح للآخرين بحديث السوء أمامه سواء عن أبيه أو أمه، محاولة الحفاظ على صورة الطرف الآخر جيدة؛ حتى لا يفقد ثقته بكل منكما في ما بعد، مع عدم الذم في الطرف الآخر.
لا تجعلا طفلكما وسيطا بينكما، ولا تقحماه بالخلاف بينكما، ولا تجعلاه جاسوسا على الطرف الآخر، باستخدامه لمعرفة أي معلومة، لا تحاولا استمالة الطفل ناحيتكما؛ بكسر الحدود والقواعد المتفق عليها بينكما، ما يجعله غير مستقر نفسيا، وستصعب عليه معرفة حدود الصواب والخطأ، وأن يسعي كل طرف لأن يدعم سلطة الطرف الآخر، وعدم الاستهزاء بها أو التهاون بها، حتى يتعلم الطفل معنى الاحترام والثقة أمام كل ما يوجه إليه أو ينصح
به.
فالأطفال الذين يحصلون على الدعم ممن حولهم من الوالدين، هم الأكثر سعادة وقدرة على التكيف مع تغيرات الطلاق.