الحقيقة العظمى

ريبورتاج 2023/07/26
...

 فداء موسى

غالباً ما نكون أكثر طاقة حينما تسرد لنا مواقف الحسين «ع» ولا أجدني منحازاً ولا مغالياً إذا ما قلت إنَّ سلطة الحسين «ع» في قلوب محبيه هي امتدادٌ لموقع جده (ص) في القلوب.
مثلت رمزيَّة الحسيَّن البطوليَّة سبيل معبدة للأحرار حول العالم؛ لأنَّ انتصار الدم على السيف هي السمة التي ميزت واقعة الطف عن مثيلاتها من الوقائع، فعاشوراء هي عاشوراء الحسين: السبط، سيد شباب أهل الجنة، سفينة النجاة، أبو الأحرار الذي بات اسماً ورسماً للإباء والحرية، فمذ حادثة ارينب (زوج عبدالله بن سلام) التي هام بها يزيد وقطع الحسين عليه الطريق بتزوجها ذكرها (ابن قتيبة في الإمامة والسياسة. وحللها أحمد عباس صالح في كتابه «اليمين واليسار في الإسلام» إلى العاشر من المحرم (سنة ٦١هـ)هو نفس الحسين ما مال ولا استميل، فمن لمثل الحسين جدٌّ كجده وعمٌ وأبٌ وأمٌ كأمِّه. حتى حسدته الدنيا بزخرفها ومن قال على لسانه (عتبت على الدنيا وقلت إلى متى أكابد دهراً همه ليس ينجلي.
فقالت أجل يا ابن الرسول رميتك بسهم عناد منذ طلقني علي، يا علي ليتك كنت حاضراً يوم الطف لترى بسالة أبنائك وأحفادك يوم أطبقت عليهم الأرض، إما الذلة أو الشهادة حتى تراهم كيف لبسوا القلوب على الدروع وأقبلوا يتسابقون على ذهاب الأنفس حتى كان ما كان من تلك السويعات التي برز فيها الأبطال يطلبون الإصلاح في أمة الإسلام ،فلم ينج كبيرٌ لكبر سنه ولا صغيرٌ لجهله عمَّا يحدث، وكانت الفجيعة التي ظلت ترعب الظالمين في كل مصرٍ وعصرٍ حتى قال قائلٍ «كل أرض كربلاء وكل يوم عاشوراء».
وأميز من أوضح هذه المقولة من زعماء العصر الحديث غاندي بمقولة: (علمني الحسين أنْ أكون مظلوماً فانتصر) فها قد عاد الحسين ينتصر على مرّ القرون ويبقى الحسين رمزاً وأباً لكل الأحرار وتبقى واقعة الطف ويوم عاشوراء من محرم الحرام سر بقائنا، فقد كانت العرب قديماً تعظم شهر محرم ولا تدخل فيه بقتال وكل الأشهر الحرم الثلاثة التي يعبر عنها بالسرد مع رجب الفرد، وهذه الاشهر الحرم الأربعة ظلٌ ينعم فيها العرب منذ الجاهلية بروح السلام.
وشاء الله وشاء الناس وكانت مشيئة الله هي العليا ورغبة الناس هي السفلى، فقد قالت عقيلة الطالبين السيدة زينب «ع» ليزيد لعائن الله عليه بصوتٍ سمعه الداني والقاصي وفطن له العدو والموالي بمقولة مدوية استشرفت فيه القادم من الأعوام والقرون تلك هي المقولة الناصعة: «فكد كيدك، واسع سعيك، وناصب جهدك، فو الله لا تمحو ذكرنا، ولا تميت وحينا، ولا يرحض عنك عارها، وهل رأيك إلا فند وأيامك إلا عدد، وجمعك إلا بدد، يوم ينادى المنادي ألا لعنة الله على الظالمين».