جرائم ما بعد النشر!!

آراء 2019/04/28
...

 
سعدي السبع
 
نتفق اولا على ضرورة سن تشريعات قانونية ضامنة تحمي الفرد وتحصن المجتمع من كل اشكال الابتزاز والتسقيط والتشهير التي لا تهدف الا لتحقيق غايات ومنافع رخيصة ودنيئة باستخدام وسائل واساليب تقنية حديثة وطرائق نشر 
متاحة .
واذ يشرع مجلس النواب العراقي باعادة قراءة ومناقشة قانون جرائم المعلوماتية فانه لابد من التوقف والعودة الى ما اثير حوله عند عرضه سابقا في العام 2010 ذلك لما تضمتنه مسودته من مواد وفقرات تتقاطع مع حرية النشر والتعبير وتنطوي على امكانية التأويل والتخوين والتكفير؛ مما يجعل الناشر عرضة للثأر والانتقام .
وبعيدا عن ما يدون في وسائل التواصل الاجتماعي والصفحات الشخصية فان وسائل النشر التقليدية الصحف والاذاعة والتلفاز والمطبوعات الاخرى ستكون بلا شك في دائرة الخطر والاتهام اذا ما تجاوز العاملون فيها الخطوط والمحددات التي وضعها القانون عند تناول النشر هذه الجهة او تلك وستحرك تلك الاجراءت (القانونية) جهات سياسية نافذة وشخصيات فاعلة حين يلامس النشر مصالحها ومافيات فسادها حتى وان تضمن حقائق وادلة تثبت صدقية المعلومات .
وفي مختلف الدول تستمد القوانين قوتها عادة من البيئة السياسية والدينية والمجتمعية المناسبة والسليمة لاي تشريع من دون عقدة الثأر والانتقام وبما يكفل معايير الحرية وحقوق الانسان وخلاف ذلك فأن ما يشرع قد يستهدف حالات وفئات معنية بغرض اخضاعها لقانون يحد من توجهاتها ويصادر ارآءها ومن هنا تبرز المخاوف خصوصا عند تشريع القوانين ذات علاقة مباشرة بقضايا النشر وحرية التعبير؛ ما يحتم ذلك ان يكون للنقابات والاتحادات المعنية والشخصيات الصحفية والاعلامية المهمة دور مؤثر وصوت قوي عند الشروع بسن مثل هكذا قوانين كونها ستتعامل مع شريحة مهمة في المجتمع الامر الذي يتطلب حماية افرادها قانونا فضلا عن ضمان حقوقها المهنية 
والشخصية .
وبعد سنوات من التظاهرات والاحتجاجات وما تشهده الساحة السياسية العراقية من تقاطعات واطلاق الاصوات المنتقدة والمستنكرة وتبادل الاتهامات التي بلغ بعضها حدود مؤسسات وقنوات اعلامية سخرت منابرها للاساءة الى الغير ، هل يكون بمقدور مجلس النواب العراقي تشريع قانون يخص النشر والمعلوماتية بمعزل عن ما جرى ويجري حاليا ؟ وهل ثمة قدرة فنية وتقنية وخبرة معرفية ودراية قانونية كي يتمكن من تشريع قانون خال من الالغام والتفسيرات والاجتهادات 
والتأويلات؟  !!!.