صلة الرحم.. الجيل الجديد مع المحبة

منصة 2023/08/03
...




حين وصل الإمام العباس (ع) الى النهر ليأتي بالماء الى سكينة التي شكت له عطشها وعطش الأطفال، ملأ القربة وغرف بيده ليشرب فأبى مؤنّباً نفسه أنْ يشرب الماء قبل أنْ يروي بنات وأبناء رحمه.
ذلك هو الموقف الشهم والنبيل والقيمة العليا في الإيثار التي تديم صلة الرحم، فأين هي الآن من جيل الشباب، لا سيما بين الذين يقصدون كربلاء مشياً على الأقدام لزيارة الحسين وأخيه العباس عليهما السلام؟
للأسف، إنَّ الكثير من القيم والأخلاق التي كانت في جيل الكبار وأدامت الصلة بين الأرحام قد ذهبت مع الريح لدى الكثير من أبناء الجيل الجديد، وصار التنافس، لا الإيثار، هو الشائع بين أبناء العم وحتى بين الأخوة الأشقاء، وشاعت بعض مظاهر عدم احترام الأولاد والبنات لآبائهم وأمهاتهم، ومع أنَّ الله سبحانه يقول في محكم كتابه العزيز ((وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا))، فإنَّ الكثير من أبناء وبنات الجيل الجديد تعدوا (الأفّ) بقول وتصرفات تنذر بأنَّ صلة الرحم صارت في خطر، فقد شكت لي إحدى الأمهات ابنتها التي ردت عليها (اوف يمته الله يخلصني منج) لأنها طلبت منها أنْ تغلق هاتفها الذي يرن كثيراً وتقرأ
دروسها.
ويبدو أنَّ هوس الجيل الجديد بالحرية والتحرر أنساهم حقيقة نفسيَّة أزليَّة في الطبيعة البشريَّة هي أنَّ الإنسان به حاجة ثابتة في الانتماء الى أسرة، وأنَّ صلة الرحم تؤمن حياة تسودها المودة والراحة النفسيَّة، بينما يعيش بدونها مغترباً في عالمٍ صار يستهدف من يراه وحيداً.