الثنائية العجيبة.. جمال وثقافة!

اسرة ومجتمع 2019/05/03
...

أفراح شوقي
تجتهد المرأة العراقية لتكون أنيقة، وان كانت بأقل التكاليف، ومزيد من التحايل، حقيبتها لاتخلو من محفظة مكياج صغيرة وعطر أخاذ ونظارات شمسية على الموضة، هي  تحاول ان تصنع الجمال حولها، وتتروى كثيرا قبل اختيار مقتنياتها لايهم ما تشتريه ان يكون غالي الثمن،  لكن المهم لمساتها الفنية
الخاصة.
خلال عملي في احدى المؤسسات الحكومية كنت ألمس ذلك الحس الفني في غرف النساء، بشكل يشعرك بالدفء فيه، والتدبير ايضاً، فزجاجات العصير والحلوى  تتحول الى (فازات) صغيرة للورد والنباتات، وتتألق  الجدران والنوافذ بالصور 
والملصقات.
الاناقة والجمال جزءان  اساسيان  في  حياة النساء العراقيات وذلك له اسبابه المجتمعية الراسخة، فالرجل الشرقي ينجذب لتلك الاضافات وتسعده الالوان، ربما بسبب العتمة التي عاشها في سنوات صباه، عتمة الاختلاط بالنساء والتحذير دائما بوجوب عدم النظر الى ماتحت العباءة السوداء التي اعتادت النساء ارتداءها في اربعينيات وخمسينيات القرن المنصرم، الجمال كله كان مخبوءا تحت العباءة والرجل مقابل ذلك اعتاد التلصص 
لاكتشافه!.
بينما معظم النساء ورثن من امهاتهن خصال  التباهي بافكار جديدة للتجميل والتدبير ايضا، ومعظم احاديثهن تحكي حيلهن  الجهنمية لتحويل المكان المهمل الرديء الى اخر بارع الجمال بأبسط التكاليف، او تلك القطع التالفة الى جديدة باضافات بسيطة، وحتى وصفات جمال البشرة ذات المواد المحلية كانت موضع براءات اختراع لم يكشف عنها 
بعد!.
وامام  تلك المعادلة لم تنس العراقية ان تعرف اكثر وتحاول الوصول لاسرار الحياة ،  فتجدها قارئة نهمة ومتابعة لما تفرزه الاحداث وقادرة على خوض مبادرات لنشاطات اجتماعية وحملات مدنية وانسانية ميدانية، وعادة ماتكون مشاركتها  في المشاريع مبعث حافز للاخرين، ودخلت بقوة في  صنع القرار والحوار الانساني لتقريب وجهات النظر وصارت نشرات الاخبار تتسابق من اجل تغطية نشاطات تكون فيها النساء في 
المقدمة.
هذه الثنائية التي لاتجدها في نساء الغرب، المنشغلات بالعمل ساعات طويلة دون ان يبذلن حرصا لاناقة متكاملة كما عند العراقيات، صديق مغترب  قال لي مازحاً “في الصباح  الباكر وانا ذاهب لعملي  يصعب عليّ التفريق بين صفوف الرجال والنساء المارين قربي، فالازياء تكاد تكون متشابهة وطريقة المشي  وحتى قصات الشعر!”
قد يبدو ذلك مقبولا ومبرراً مع بيئتهن الاجتماعية والحياتية السريعة، الا ان اهتمام العراقية بتفاصيل الجمال والاناقة منحها طوراً مميزا لايمكن اغفاله ومساراً يستحق الفخر والدعم ايضاً، خاصة الامهات منهن وهن يخضن تجربة العمل خارج وداخل البيت والعناية بتربية الابناء، ومصارعة كل المنغصات اليومية، ولعل الاهم من ذلك كله ان تتصدر المحافل الادبية امرأة عراقية جميلة جذبت الانظار اليها بكتاب جديد او شعر تخطت به حاجز التردد ودخلت عبره طريق كبار الكتاب 
والمشاهير.