تغيّر طباع المرأة والرجل بعد الزواج

اسرة ومجتمع 2019/05/03
...

منى محمد زيارة
الزواج هو الشراكة الحقيقية بين الرجل والمرأة وخطوة مهمة لتأسيس عائلة ستكون نواة للمجتمع لذلك فان نجاح الحياة الزوجية يحتاج إلى مجموعةٍ من المقومات التي تجعل الزوجين ينعمان بحياةٍ هانئةٍ وهادئةٍ قوية قادرة على مواجهة الصعوبات والعوائق، لكن المشكلة التي تؤرق الكثيرين هي تغّير طباع المرأة والرجل بعد الزواج وهذا ما سنسلط عليه الضوء في موضوعنا هذا.
فترة الخطوبة
 تعد فترة الخطوبة مرحلة مهمة بل هي اهم مرحلة للرجل والمرأة المقبلين على الزواج، بعض الأسر 
لا تعير لها اهتماما كافيا لأنها تعدها ضياعا للوقت وان وجودها او طول مدتها تسبب لهم المشاكل حسب اعتقادهم لكثرة تردد الخطيب  لخطيبته للتعرف عليها عن قرب ومعرفة طباعها وافكارها وما يصاحب هذا من نظرة المجتمع لهذا الوضع  لذلك يستغنون عنها دون تقدير حاجة كلا الطرفين للتعرف على الاخر لذلك يصطدم كلاهما  بعد الزواج،  اما في حال تقبل الاهل لفترة الخطوبة نجد ان كلاهما يحاولان اظهار افضل ما فيه للطرف الاخر واحيانا كثيرة تكون للتمثيل حصة كبيرة في هذه المرحلة، فمثلا تحاول العروس ابراز جمالها بشكل مغاير لما هي عليه وهذه تعد كذبة كبيرة وخداعا لعريسها، خاصة بعد ان يتم الزواج واكتشافه العكس ، نقول هنا لابأس من ابراز الجميل فيك ، لكن بطريقة مقبولة لأنه سيرى ما تخبئينه عنه عاجلاً كان او اجلاً ، كما انها تحاول جعل افكارها ونظرتها للحياة قريبة من نظرته وطريقة تفكيره وهذا تصرف ينم عن عدم ثقة بالنفس، فلكل انسان شخصيته المستقلة وطريقة تفكيره ومبادئه التي يؤمن بها ونشأ عليها ، فان تكوني نسخة منه فهذا بالتأكيد  سيقضي على شخصيتك ويجعلك لا تناقشينه مستقبلا في اي قرار قد يتخذه يخص حياتكما الزوجية لأنه يعدك مشابهة له في كل شيء واي خطوة يتخذها ستكونين اول المباركين له ، عليك عزيزتي  ان تتصرفي بشكل طبيعي وان تناقشيه، واجعليه يفكر في شخصيتك ويتأملها قليلا وانك مثله لك طباع وافكار تؤثر بشكل ايجابي على من حولها ، وليست المرأة وحدها من تحاول ان تعطي انطباعا بالتكامل، بل الرجل ايضا، فالبعض يحاول ان يوهم المقابل انه مثال للزوج المستقبلي المناسب الذي ان حاولت مجرد التفكير تركه ستخسر كل شيء جميل في هذه الحياة، فمثلا اذا كانت شخصيته من النوع الماكر او متعدد العلاقات العاطفية يظهر امامها كالحمل الوديع لا يعرف حتى الكلام امام اي فتاة قد تصادفه او انه مثلا من النوع الذي يؤمن بحرية المرأة بعد الزواج لعيش حياتها او حصولها  على عمل او تكملة دراستها لكنه في الحقيقة يريد زوجة تطيع وتنفذ لا اكثر ولا اقل  اعتقد ان افضل فترة هي  فترة الخطوبة التي تجنب الازواج  الوقوع في المشاكل واحيانا الوصول الى الطلاق، لذا على الطرفين اظهار ايجابياتهما وسلبياتهما حتى يستطيعا تحديد ما اذا كانا سيستمران معا ام لا.
 
 الايام الأخيرة
كلنا يعرف حجم التأثيرات والضغوط النفسية التي يتعرض لها المرأة والرجل قبل الزواج بوقت قصير فتنهال النصائح المجدية وغير المجدية من اسرهما مما يزيد الضغط عليهما ويسبب التوتر وبالتالي يؤدي الى عدم اكتمال فرحتهما وقد لا يبشر هذا الوضع بالخير، خاصة ان يوم الزواج هو الخطوة الاولى في بناء حياتهما المستقبلية فكيف ستكون خطواتهما اللاحقة اذا كانت ليلتهما الاولى يسودها التأثر بآراء الاخرين خاصة اقتناعهما الكامل بهذه الآراء اولاً  لأنها صادرة من جهة موثوقة وهم الاهل وثانيا لان من قدموه هم اكثر خبرة وتجربة منهم ، طبعا كل ما ذكر يعتمد على شخصية الرجل والمرأة ان كانا متفقين على حدود تدخل عوائلهم في مثل هكذا امور لكن احيانا يتأثر الزوجان بالقيل والقال فتتوهم المرأة انها تستحق زوجا افضل من عريسها المستقبلي او الرجل يشعر انه اعلى منزلة منها فيعتليه الغرور والكبر كل هذا يحدث حين يستمعا الى راي الاخرين بهما لا رأيهما ببعضهما 
البعض .
 
 فوبيا 
كثير من الازواج يشعرون بالانزعاج وعدم الرضا عن شريك حياته بعد مرور اشهر قليلة فقد تنتاب الرجل ما يسميه علماء النفس فوبيا الزواج وهي تحدث للكثيرين وتتمثل بالشعور في المسؤولية الذي وقع على عاتقه دفعة واحدة دون مقدمات ثم امتعاض زوجته من ظهور صفات لم تكن موجودة لديه قبل الزواج منها العصبية والعناد وحب التملك والتصرف في كل شيء، ما يلغي شخصيتها ورغبتها في ابداء رأيها في حياتهما، فما ان يبدأ الزوج بالتذمر من الاعباء حتى يشعر بالحنين الى العزوبية، عندها سيفتعل المشاكل والمشاجرات التي ما ان تبدأ حتى تبدأ معها مرحلة الندم والخذلان من اقدامه على هذه الخطوة، فتراه يخرج كثيرا دون سبب او يتململ من تأدية واجباته الاسرية دون ادنى شعور بالمسؤولية ومنها  المالية، اي القدرة المادية على توفير واعالة اسرة قد يزداد عدد افرادها خلال اشهر قليلة،  اضافة الى بعض ممن يعتريه شعور التملك لزوجته ، يظن انها اصبحت ملكه،  له حرية التحكم بحياتها بل واجبارها على الرضوخ لأوامره اللا منتهية ، كما قد يقل اعجابه بالزوجة بعد ايام قليلة وذلك بسبب ما ذكرناه من تغير شكل الزوجة او قلة اهتمامها بنفسها ، كل هذه الاسباب تؤدي الى ما يسمى باكتئاب الزواج وهو ينطبق على الاثنين، فالزوجة ايضا تلاحظ اختلافا كبيرا بين حياتها قبل وبعد الزواج بعضهن يشعرن بالاطمئنان والاستقرار، لكن البعض الاخر منهن وهو محور موضوعنا تشعر بتغير حياتها جذريا، فمثلا قد ينتابها شعور بالوحدة، خاصة بعد ان كانت تعيش في وسط مليء بالأشخاص والافعال ثم تحولها للعيش مع انسان اخر لا تعرف عنه الكثير سوى ما عرفته عنه في فترة الخطوبة ومع انتهاء المرحلة الاولى للزواج تصطدم الزوجة لأنها توقعت ان تمتد طوال عمر زواجها، حياة مليئة بالتنزه والسفر والشراء والمرح والسبب يعود لعدم تفهمها للمعنى الحقيقي للزواج و الشراكة في الحياة ،  اضافة الى عدم اخذ التجارب الناجحة لمن حولها  بعين الاعتبار .
 
تجارب مريرة
 تقول هدى.م انها لم تتخيل ان تتحول حياتها الزوجية الى كارثة، فبعد ثلاثة اشهر فقط كشف زوجي عن انيابه لم يطرأ على بالي ان يتحول الانسان الهادئ المسالم الى اخر لا اعرف ماهي الكلمة المناسبة لوصفه فمن حياة ملؤها الحب والفرح والطمأنينة الى حياة مليئة بالقسوة والإهانة والتذمر لم تبق وسيلة لا انسانية الا واستخدمها معي من الضرب والشتيمة والمقارنة بيني ومن عرفهن قبلي ورغم كل شيء حاولت اقناع نفسي بضرورة التحمل خوفا من المجتمع وما يقال عن امرأة طــُــلقت بعد فترة قصيرة من الزواج، لكن يبدو اني كنت مخطئة فسكوتي جعله يتمادى  بتصرفاته، حتى وصل الامر الى التبجح بعلاقاته العاطفية والتي لم تنقطع حتى بعد زواجنا، اضافة الى عدم اداء واجباته الاسرية والمادية وعدم ايفائه بوعوده بمواصلة دارستي الجامعية ومما زاد من سوء تصرفاته هو تدخل عائلته المستمر في حياتنا، بل وصل الامر الى تحريضه على منعي من رؤية عائلتي فترة طويلة دون سبب مقنع، كل هذا دفعني الى اتخاذ افضل قرار اتخذته في حياتي الا وهو الطلاق.
اما مقداد .ج .ع فيقول كنت أتمنى أن انعم بحياة طالما حلمت بها مع حب حياتي وهي الفتاة التي اخترتها منذ كنا زملاء في الجامعة، وهي مثقفة صريحة متفهمة وواضحة جدا مقنعة تحترم الاخرين، لكني اكتشفت انها كذبة كبيرة جداً، مضيفا، يبدو ان الحياة لا تعطينا كل ما نتمناه، فما ان بدأت حياتي معها حتى ادركت ان ما عشته كان كذبة كبيرة حتى اصبحت لا اطيق وجودها في حياتي، فكثرة طلباتها وعدم مراعاة حالتي المادية وتذمرها المستمر من حرمانها من الخروج المستمر جعلها كثيرة الشكوى لأي شخص تصادفه حتى وان لم يكن وثيق الصلة معنا،  كذلك لم  يكن لها رأي بأي شيء يخص حياتنا ومستقبلنا تستمع لكل الآراء ووجهات النظر الا رأيي وكثيراً ما نصحتها بضرورة مناقشة رأي كل منا للوصول الى الرأي الصحيح والذي يجنبنا الكثير من المشاكل،  فالتدخلات المستمرة من اسرتها وصديقاتها حولت الحب الذي بيننا الى كره كبير، حيث تبدلت الى انسانة  يملأ  قلبها العناد والغرور وعدم الاحترام، حتى وصل الامر الى التغيب عن البيت لأيام طويلة بحجة الملل ، بعد كل هذا أليس الطلاق هو افضل الحلول؟ .  
 
حلول ومعالجات 
يرى علماء النفس والاجتماع ان اسبابا كثيرة تؤدي الى فشل العلاقة الزوجية وخاصة في بدايتها والتي ذكرنا بعضها اعلاه ... وبالتأكيد هم لم يغفلوا عن اعطاء الحلول والمعالجات التي من شأنها ان تعزز العلاقة بين الطرفين وتجعلهما قادرين على مواجهة ما يعترض حياتهما الزوجية من معوقات ومشاكل ، حيث اكدوا اهمية الصراحة والوضوح قبل البدء بعلاقتهما لأنها اساس ما سيكون ، عندها سيقفان على ارض قوية لا تؤثر فيها  ما قد يصادفهما مع تقادم الايام  وألا يسمحا للصمت والعزلة والكذب ان  يتمكن منهما. فإذا حدث أي موقف من أحد الطرفين قد تسبب في إزعاج وضيق الآخر  فلا بد من اللجوء الى المصارحة لان هذه الطريقة هي الامثل لمعرفة ما يزعج كلاهما ، كما ينصح العلماء اللجوء الى المناقشة لأنها تشعر الجانبين بالاحترام والثقة بالنفس لان التزّمت بالرأي ليس حلا مناسبا لأي مشكلة مهما كانت صغيرة .
تقبل الطباع هو امر اخر يشدد عليه العلماء فمع مرور الوقت يجد الزوجان ان كلا منهما تقبل الاخر بسلبياته وايجابياته  وبالتأكيد يرجع هذا الى الوعي بأن كل شخص في هذا الكون له صفات قد تكون جيدة في نظر البعض وقد ينفر منها البعض الاخر وفي كثير من الاحيان يستطيع الزوج او الزوجة التغاضي عنها او تغييرها
للأفضل. والاعتذار له الدور المؤثر والفعال في استمرار أي علاقة كانت،  فاعتراف الشخص بخطئه سيجعل الطرف الاخر مرنا وسهل المعشر  كما يــُـنـصح  بالابتعاد تمامًا عن اتباع أسلوب العناد او التعنت والرغبة في فرض الآراء عندها سوف لا تكون هناك باب للحوار والمناقشة ، كما ان التسامح والهدوء وعدم اعطاء الفرصة للأهل بالتدخل والانتقاص من الاخر سيفوت الفرصة على أي مشكلة قد تؤدي الى ما لا يحمد عقباه.