كتّاب من صنع الذكاء الاصطناعيّ

منصة 2023/08/15
...

 ضحى عبدالرؤوف المل

لا يمكن التنبؤ بالغموض الذي يلف الإبداع الأدبي في عصر الذكاء الاصطناعي عبر إعادة ترتيب المكتبات، والاحتفاظ بالإرث الثقافي والفكري والأدبي، وحتى الفني والسينمائي، وما إلى ذلك  من ترتيبات لا يمكن التكهن بها، ما لم نستطع جذب القراء ثقافيا وفكرياً وما إلى ذلك، وفهم فنية الإلهام الكتابي الذي يدفع بالكاتب في رحلة دفع فيها عمره من أجل الإنتاج الروائي أو الفكري أو خلق أي عمل مكتوب خياليا، ويحمل من التوقعات المستقبلية ما لا يخطر على البال.

كما هي الحال في مسلسلات روائية حققت رقما قياسيا في جذب المتلقي لها، كما هي الحال أيضا في الأنيمي "وان بيس" أو "صبي القش" الذي ما زال مستمراً منذ عام 1999 حتى الآن.
وتخطى الأرقام القياسية في المتابعات. فالمشاعر والأحاسيس والقدرة على خلق شخصيات تعيش مع من تعلقوا بها هي قدرة الكاتب على تخطي الواقع الذي فهمه من عيشه في الحياة التي يمضي فيها قدما عبر كتاباته في زمن ينتفض علميا، وكأن الثورات العلمية تصيب الأدب بتحديات ينجو منها كل مرة تاركا الأرث الأوسع أو البصمة التي تجعل منها كاتباً رقمياً في زمن بدأ فيه الذكاء الاصطناعي بتغيرات على صعيد كل شيء من حولنا.
فهل يمكن رسم الشخصيات التي تحظى بترحيب عالمي عبر كاتب من عصر الذكاء الاصطناعي يعتمد على برمجيات معينة تجعل منه كاتبا اصطناعياً؟ وهل سنشهد على ولادة كتّاب  يشعلون جمر الحب مثل ستندال أو مثل ليو تولستوي أو حبكات مسرحية تعيد لنا مجد مسرحيات شكسبير واستكمالها عبر كتاب من صنع العصر الاصطناعي؟
ما الذي يمكن فهمه في عصر سنشهد فيه على فروقات بين الأدب الذي يكتبه الإنسان والأدب الذي سيكتبه عنصراً مخلوقا آلة تنتمي للذكاء الاصطناعي التي ربما ستعيد برمجيات الأدب والثقافة، وتنفي كل ما اعتمد على التكرار من قضايا عصرية أو قضايا لازمت العصر الذي ولدت فيه.
لنستكشف الأخطاء والعثرات من خلال ما يُسمى بالذكاء الاصطناعي وربما لنشهد على فورة من الكتّاب الالكترونيين القادرين على انتاج أعمال خيالية تثير شغف الجمهور من القراء والمتابعين بشكل أفضل من البشري أو الإنسان الكاتب الذي أمضى حياته في البحث والتدقيق والتقصي
للمعلومات.
ليترك أثراً مكتوبا يؤدي دوره الإنساني بعد رحيله، كما هي الحال مع الكثير من الكتاب أمثال جبران خليل جبران واحسان عبدالقدوس ونجيب محفوظ وسهيل ادريس وعلى صعيد الدراما مع عبدالرحيم كمال الذي استطاع خلق شخصية ونوس الشكسبيرية في تطلعاتها، وكما هي الحال مع الانتاجات الأدبية العربية لا الغربية التي تحمل الكثير من الأسماء التي ستشهد الكثير من التجدد في عصر الذكاء الاصطناعي.
لكن كل هذا هو نوع من التحليل لعصر بدأنا نلمس فيه العديد من الشخصيات الروبوتية القادرة في برمجياتها على تحدي الإنسان الذي لقنها المعلومة، وتغلبت عليه في الإنتاج .
إذ يبدو أن الأدب سيحمل بصمة وراثية لكل كاتب سيولد منه كاتبا روبوتياً آخر يوازي قدراته الفكرية، وربما يستكملها لتتماشى الثورة الروبوتية المكحلة بالذكاء الاصطناعي مع قضايا الفكر والأدب التي تتقهقر حاليا رغم ما نشهده من
تقدم.
فهل نمط الكتّاب الذين رحلوا من الدنيا جسدا وفكراً سيتجددون وينتجون مع روبوتات الذكاء الاصطناعي؟
يحتكم منطق عصر الذكاء الاصطناعي إلى القدرة على الاستكمال إن استطاع الملقن منحه كل إرث كاتب ما، ليقوم بإنتاجه مجدداً من خلال ترتيب الجمل، وفهم الأسلوب الذي انطلق منه في عصره بعيداً عن النمطية التقليدية، وبتطوير في حبكات، ربما تحمل الفكرة نفسها، لكنها توائم العصر الذي يكتبها فيه الذكاء الاصطناعي، وهذا ربما يقبع تحت وطأة الخيال العلمي والتنظيم الفكري الذي سيجعل من الذكاء الاصطناعي قادرا على كتابة رواية او مسرحية، وحتى اخراجها دون تعقيدات في المشاعر التي تغتال الكاتب اثناء الكتابة الفعلية، والمشاهد الابتكارية المتوافقة مع الحدث والفعل وردات الفعل المدروسة، وربما يثير اهتمام المتلقي
الكترونياً.
فهل يمكن تحسين الكتابة لكتب قديمة وتجديدها من خلال الكتابة الاصطناعية لتواكب هذا الجيل كما ينبغي؟ وهل من أخلاقيات في أنظمة الذكاء الاصطناعي المُخصصة للكتابة أو للأدب والفكر الذي يمكن توجيهه تبعاً للأهداف السياسية
لكل بلد؟