أين مشاريع السكن من الفقراء؟

اقتصادية 2023/08/24
...

وليد خالد الزيدي



مؤشرات وزارة التخطيط بشأن الحاجة الفعليَّة للوحدات السكنيَّة في العراق المحددة بثلاثة ملايين لم تأت من فراغ ومن دون كشوفات شبه مؤكدة، بل إنَّ نسبة دقتها قد تكون عالية نظراً لتعاونها وتبادل المعلومات مع بقية الجهات الرسمية كوزارة الإعمار والإسكان والبلديات العامة وأمانة بغداد ودوائر المحافظات ذات العلاقة بتلك المسألة الجوهرية التي أصبحت أزمة صعبة الحلول إن لم نقل عقيمة لاسيما ما يخص تأمين السكن الملائم للفئات محدودة أو معدومة الدخل التي يصعب عليها شراء وحدات سكنية بيسر بعد أن دخلت مشاريع السكن نظام الاستثمار وبيعها بمبالغ باهظة.

إنَّ العمل وفق هذا النظام يجعل العراق يواجه أزمة جديدة وليس حلاً للأزمة نفسها بل من شأنه أن يجعل الأمور أكثر سوءاً بسبب حرمان الفئات الهشة معيشياً منها، إذ سيقتصر شراؤها على الأثرياء وميسوري الحال دون غيرهم وهذا لا ينسجم مع متطلبات عمل الحكومة التي وضعت جميع أبناء الشعب نصب عينها لاسيما الطبقات الفقيرة، الأمر الذي انتبهت إليه مفوضية حقوق الإنسان في العراق حينما انتقدت الغلاء الكبير في أسعار الوحدات ضمن المجمعات السكنية لعدم استفادة شرائح محدودي الدخل منها سواء أكانت حكومية أم استثمارية وتأكيدها على أنَّ حق الفرد بالحصول عليها بسهولة يعد أحد أهم أولويات مبادئ حقوق الإنسان العالمية التي أقرت منتصف القرن الماضي.

الاستثمار في تلك المشاريع سوف يبقي على الحاجة الفعلية لملايين المواطنين من الوحدات السكنية، إذ ستكون متاحة لهم وفق شروط أو كلف تزيد من أعبائهم المعيشية وتثقل كاهلهم لكونه نظاماً يرفع من أسعار تلك المجمعات وأقساطها الشهرية ما يضاعف صعوبات الحصول عليها من قبل الناس البسطاء الذين هم بأمس الحاجة الفعلية لها فتلك المساكن سوف تكون وجهة لمن يستطيع شراءها مهما كانت مبالغ الحصول عليها الأمر الذي بات ضرورياً لإيجاد صيغ وقرارات تضع في حساباتها حلولاً ناجعة لأزمة السكن في البلاد لاسيما الوقوف على إمكانية شمول جميع الفئات الفقيرة من أفراد الشعب فيها.

بات من المهم أيضاً مضاعفة جهود الجهات الحكومية المعنية بإيجاد مشاريع سكنية يفترض تنفيذها بموجب خصوصيات محددة منها زيادة أعدادها والإسراع بتنفيذها وتسهيل الروتين بين الجهات المعنية وحل التقاطعات بينها في كل أنحاء البلاد فضلاً عن ضرورة إشراك القطاع الخاص بتنفيذها لدوره الفاعل في حل تلك الأزمة المتفاقمة لامتلاكه الإمكانيات الفنية والمالية لإنجاح تلك المشاريع وتصويب أهدافها المرسومة وجعله جانباً مهماً من جوانب الخلاص منها بعد أن أرّقت المواطنين والجهات الحكومية المعنية بها على مدى عقود ماضية من الزمن ذاق فيها الفرد البسيط مرارة السكن في منازل تفتقر لأبسط مقومات العيش فيها.