عاشوراء ودرس النظام

منصة 2023/09/02
...

رعد كريم عزيز

 كل عادة اجتماعية دينية، يمارسها العقل الجمعي وفق الموروث الممتد لآلاف السنين، يمكن أن تصبح فرصة لخلق أنظمة جديدة، تسهم في خلق نظام اجتماعي سياسي اقتصادي جديد، ويكون تطبيقه سهلا جدا لا يحتاج إلى توضيح أو تدريس نظري، خاصة إذا استغل المقيمون عليه الطاعة السلسة، وفق سلسلة دينية تنحاز إلى الحق والطهارة ونصرة الحق، وطقوس عاشوراء على الرغم من سعتها وتنوعها، فإن ما يرافقها من ممارسات حياتية تتخذ أحيانا صفات لا يتقبلها أغلب الناس نظريا، لكنهم يمارسونها عمليا مضطرين بسبب العادات المتوارثة، وكمثال على ذلك رمي النفايات بالطرق العامة وهم يسيرون لمئات الكيلومترات باتجاه كربلاء المقدسة، ولكن إذا وجهت قيادات المواكب الناس لرمي النفايات في أماكن مخصصة، وفق مسافات محددة، حتى تصبح عادة يمارسها المواطن للحفاظ على البيئة، ومن ناحية ثانية يمكن توجيه الزائرين إلى الاقتصاد بالأكل والشرب - ونحن بأزمة مياه- لكي ننبه الشباب منهم إلى أن العطاء ليس بالتبذير وصرف الأموال من دون رقيب، ولو عمدت الجهات المعنية إلى استقطاع مبلغ زهيد من كل زائر، لتبني في كل سنة مدرسة في النجف وكربلاء، فإن هذه الأفعال الواضحة للعيان تعطينا دروسا في الاستفادة من موارد أغلبها يذهب هدرا من دون تخطيط .
 ‏ وهناك جانب آخر هو طبيعة الشعارات المرفوعة التي يعمد إليها بعض الشباب، والتي تتمثل في الاستفادة من دروس الشهادة في الإيثار والمطالبة بتحسين الأوضاع الاقتصادية، حتى تتحول ممارسات شهر عاشوراء إلى دروس تحقق النظام وترسم مستقبلا يليق بدروس شهادة الإمام الحسين(ع) وأتباعه، على الرغم من أن هذه الخطط تحتاج إلى إرادة حقيقية، بتوجهات متطابقة عند رجال الدين، لتوجيه العامة نحو المسير في طريق قويم يحقق الرقي والتقدم، بأبسط الطرق التي لا تحتاج إلى تطبيقات قانونية وأعداد بشرية كبيرة، لأن الزائر يذهب بجوارحه ولا يملك إلا الطاعة والقبول بقوانين لا يختلف اثنان على صحتها .
 ‏ولا ننسى التذكير باستفادة الحكومة من الزيارة لتفعيل السياحة باعتبارها موردا يمكن أن يسهم في بناء المدن العراقية، وهي تستقبل ملايين الزائرين وفق إحصاءات تعلنها الحكومات المحلية كل عام، من داخل العراق وخارجه.
 ‏ولا نعتقد بأن في الأمر صعوبة في التنفيذ، فخطوة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة كما يقال.       ‏