العراق والانفتاح الاقليمي.. ماله وما عليه

آراء 2019/05/05
...

علي الهماشي
 

منذ التغيير الكبير في عام  2003 في العراق  كانت ستراتيجية الدول المحيطة بالعراق إبقاء أو إشغال القوات الامريكية بالوحل الامريكي مما ادى بالقاء ظلالها على الحكومات العراقية حتى بعد خروج القوات الامريكية باستثناء الجارة ايران التي تميزت حركتها بطريقة ذكية جدا
حيث انفتحت بشكل كبير على الحكومات العراقية  المتعاقبة وفي ذات الوقت لم تغفل عن ابقاء القوات الاميركية بالوحل العراقي وافشال التجربة
 الاميركية . هذه الستراتيجية التي اعتمدتها أنظمة هذه الدول كانت تكمن في عدم نجاح التغيير بهذه الطريقة وحصل ما حصل طيلة السنوات الستة عشر الماضية ولا ادخل بالتفاصيل لتداخل الامور بعضها ببعض ...
 وبعد احتلال داعش  لاجزاء كبيرة من العراق وشعور هذه الدول بخطر داعش التي هددت جميع الدول بضمنها الدول التي كانت تحتضن رجالها فيما سبق  وتشجع على العنف في العراق لسبب واخر بدات هذه الدول بالتحول تدريجيا من حالة العداء المبطن الى الحياد المعلن ساعدها في هذا التحول نجاح الحكومة العراقية السابقة في انتهاج سياسية جاذبة للاطراف الدولية والاقليمة واستمرت الحكومة الحالية بنفس النهج والتي اثبتت فعاليتها وانعكاسها الايجابي على العراق والمنطقة ...
وهكذا نجح العراق في فرض منهج جديد منهج يعتمد على التعاون والتآزر بدلا من الصراع والاختلاف واستغلال حالة الانتصار وقصة النجاح الى قوة جاذبة في العلاقات بين العراق وبين البلدان المحيطة به ،وبدلا من تصدير الارهابيين من قبل الاخرين نراهم يتسابقون لارسال اموالهم وشركاتهم للاستثمار  ونأمل ان تغلق صفحة الحروب الى صفحة التنمية والاستقرار ...
ومع كل حركة او زيارة يقوم بها رئيس الحكومة سواءً السابق او الحالي  وعزمه على توقيع اتفاق للتعاون  وارساء علاقات قوامها التعاون في المجالات الاقتصادية والسياسية والامنية الا وبدأت اصوات التشكيك تتعالى هنا وهناك وكأن العراقيين غير مؤهلين لاتخاذ قرار يتعلق بمستقبل علاقاتهم مع بلدان
 الجوار ... ولن اناقش في خلفية التشكيك ما يهمني كعراقي اني منحت الثقة  لمن يتولى هذا الامر مع دول الجوار  وهو الامر الاساس  ولم يكن التعاون بين الدول يجري وفق تطييب الخواطر اطلاقا وانما هناك مصالح لهذا الطرف او ذاك يسعى كل منهما لتحقيقها  وهذا ما يجب حسابه في الانفتاح العراقي على دول الجوار  ماهي العوائد الامنية والاقتصادية ثم السياسية التي سيجنيها
 العراق .
لقد اثبتت تجربة الستة عشر سنة الماضية حجم الخسائر التي تكبدناها جراء حروب النيابة وجراء جعل العراق ساحة للحرب بين اطراف متنوعة ومصالح مختلفة ولكن هذا لايعني ان يكون الانفتاح مبنيا على الضعف بل مصدر قوة  لان تجربة داعش مازالت قريبة والتي لم تكن تهدد العراق فحسب بل جميع دول الجوار
 العراقي . ولهذا الانفتاح سيكون مبنيا على اسس ان التنمية الاقتصادية المتكاملة بين دول المنطقة اضافة الى تنمية فكرية ستحقق نوعا من الرقي لجميع شعوب هذه الدول في خطوة نحو الاستقرار المتكامل لشعوب هذه
 المنطقة .
والانفتاح على دول الجوار لايعني تناسي او نسيان ضحايا الارهاب بل سيكون احد عوامل التعويض  لهم ولن يكون الانفتاح تنازلا عن مبادئ العراق الجديد والا سيكون رضوخا وليس انفتاحا مطلوبا والدول الناجحة هي التي تجمد نقاط الاختلاف وتستثمر نقاط الالتقاء لحل مسائل الخلاف بعد
 ذلك .
وعندما تنجح الحكومة في تجنيب شعبها الحروب تنجح في تنفيذ برامجها التي وعدت بها شعبها، والانفتاح  على دول الجوار جزء مهم من تجنيب العراق شبح الحروب والصراعات وهو احد مفاتيح التنمية 
للبلد .