خيار اللاجدوى

الرياضة 2023/09/12
...

خالد جاسم

اعتادت فرق أنديتنا ومنتخباتنا الوطنية وكنتيجة طبيعية لسيادة منطق الارتجال وانعدام التخطيط السليم، أن تولي مسألة المشاركات الخارجية أولوية قصوى، بل إن معظم اتحاداتنا الرياضية تبرمج مناهجها وتوظف مواردها المالية لأجل تسجيل الحضور الخارجي للمنتخبات، على حساب مفردات أخرى أكثر ضرورة وأهمية في مناهجها السنوية ومنها البطولات المحلية وتوسيع وتطوير واقع القواعد الخاصة بالألعاب المنضوية تحت ألوية هذه الاتحادات، وكذلك التوسع النوعي في الدورات التدريبية والتحكيمية، إلى غير ذلك من المفردات التي تسهم بشكل جاد وحقيقي في انتشال تلك الفعاليات الرياضية من واقعها المتخلف .
وبرغم الضوابط الصارمة التي وضعتها اللجنة الأولمبية لأجل تقنين المشاركات الخارجية واقتصارها على البطولات الرسمية الإقليمية والعربية والقارية والدولية، وتبيان الجدوى الفنية الحقيقية المترتبة على تلك المشاركات، إلا أن العديد من الاتحادات المركزية تكاد تمارس لعبة القط والفأر إذا جاز الوصف لأجل التحايل أو القفز على القرارات والضوابط التي تنظم عملية المشاركات الخارجية، في الوقت الذي تحضر فيه هذه الصورة البائسة لواقع المشاركات الخارجية غير المجدية بل والمؤذية في الأندية الرياضية، برغم أن الأخيرة كثيرا ما تنسق مشاركاتها الخارجية مع الاتحادات المركزية، وهذا يعني مشاركة الطرفين معا في ارتكاب جريمة إلحاق الضرر بالرياضة عبر التمسك بخيار المشاركات العقيمة هذه، برغم    ما تتلفح به إدارات الأندية والاتحادات من أسباب أو تبريرات في تسويق مشاركاتها، ومنها الحاجة إلى الاحتكاك وتطوير المستوى والوقوف على حقائق مستوياتنا مقارنة بالآخرين، إلى غير ذلك من التبريرات التي لا تجد صدى واقعيا على أرض الحقيقة . واللافت في موضوعة المشاركات الخارجية وبعيدا عن مسألة الجدوى الفنية والضرورة التقنية، أننا نادرا ما نسمع أو نقرأ أن اتحادا أو ناديا قدم اعتذارا صريحا إلى الجهة الداعية أو المنظمة لهذه المشاركة أو تلك، وهو اعتذار قائم على أسباب أو مقومات فنية خالصة متأتية من القناعة باللاجدوى من المشاركة وعدم تحقيقها الفوائد المرجوة لفريق هذا النادي أو ذاك المنتخب الوطني، بل إن معظم ولا أقول جميع صيغ الاعتذارات عن تلك المشاركات تتضمن عدم توفر التخصيصات المالية اللازمة لتغطية نفقات هذه المشاركة، أو يتم الاعتذار لأسباب إدارية بحتة متعلقة بتعثر المخاطبات أو التلكؤ بإجراءات السفر، من دون أن نشاهد أي قرار شجاع بل وبمنتهى الواقعية، يستند إلى حقيقة لا جدوى الدخول في منافسات هذه البطولة الخارجية .
ومن هنا فإن الضرورة تقتضي من اللجنة الأولمبية تشديد الضوابط الخاصة بتقنين أمر المشاركات الخارجية، والضغط على الاتحادات المركزية لأجل التركيز على المفردات الداخلية المهمة الجديرة بالعناية والاهتمام، عبر توظيف الأموال التي تذهب هدرا في مشاركات غير مجدية ولا طائل من ورائها، لأجل إنعاش الألعاب الرياضية التي يعيش معظمها موتا سريريا مزمنا بكل صراحة، خصوصا بعد توضح الكثير من الحقائق بعد المشاركة في الدورة العربية واقترابنا من دخول دورة الألعاب الآسيوية الواجب أن تحدث فيه نقلة نوعية على صعيد التخطيط الصحيح .