القاضي قاسم العبودي
جهاز تسريع النتائج، وهيَّ التسميَّة التي اصطلحت عليها المفوضيَّة لهذا الجهاز، بينما سماها الفريق الدولي للمساعدة الانتخابيَّة للأمم المتحدة بــــ (صندق الاقتراع الإلكتروني) وهو الاصطلاح الأدق والمطابق لعمل هذا الجهاز. يعد هذا الجهاز ماسحا ضوئيًّا (سكنر)، يوضع فوق صندوق الاقتراع، ويقوم بقراءة الرقم التسلسلي السري (باركود ورقة الاقتراع)، كما يقوم بقراءة اختيار الناخب في ورقة الاقتراع (التصويت)، بعد وضعها في الصندوق،
ويعمل هذا الجهاز بصورةٍ متزامنةٍ مع جهاز التحقق من بطاقة الناخب، الذي مرَّ تفصيل بيان عمله في المقالات السابقة. ويفترض أنْ تتمُّ قراءة (باركود ورقة الاقتراع) في جهاز التحقق، وفي جهاز صندوق الاقتراع الإلكتروني.
يقوم مدير المحطّة عند نهاية عمليَّة الاقتراع بنقل باركودات أوراق الاقتراع، التي تمّت قراءتها في جهاز التحقق إلى صندوق الاقتراع الإلكتروني من أجل مطابقة أوراق الاقتراع. ويتمُّ بعد ذلك فرز وعدُّ الأوراق وإرسال النتائح إلكترونيا عبر شبكة VISAT وهي تقنيَّةٌ لنقل البيانات بالأقمار الصناعيَّة، إلى مركز إدخال البيانات في المركز الوطني، ويفترض أنْ تظهر في نهاية العمليَّة في واجهة موضوعة أعلى الجهاز عبارة (تمَّت عملية المطابقة والنقل بنجاح).
هذه العمليَّة هيَّ من أوضحَ صورِ التصويت الإلكتروني، وهي تشبه إلى حدٍ كبيرٍ التصويت الإلكتروني، الذي تستخدمه روسيا الاتحاديَّة، إلا أنها تستخدم شبكةً داخليَّةً (انترانيت)، كما أنَّ صندوق الاقتراع الإلكتروني، الذي يعمل في روسيا أقلُّ تعقيدًا وأكثرُ بساطةً وأقلُّ كلفة. وتتلخص المنظومة الآلية الروسيَّة باستعمال صناديق اقتراع، تصمّمُ بشكلٍ آليٍّ تعمل عمل الماسح الضوئي، حيث يقوم الناخب بوضع ورقة الاقتراع في الصندوق، الذي يقوم بمسحها ضوئياً، ونقل محتوياتها، عبر شبكةٍ محليَّةٍ وفق تكنولوجيا الايرثنت (شبكة مغلقة) من طراز 3.802.12.802 والتي تتيح أيضا عقد مؤتمرات فيديويَّة محليَّة. إضافةً إلى ذلك يتمُّ استعمال ثمانيةِ خوادمَ للملفّات وثلاثة خودامَ للبريد الإلكتروني، ويتمُّ استعمال أجهزة حاسوبٍ عاديَّةٍ من نوع كامبوك وخوادمَ من نوع (proliant &prosignia ) ومحطاتِ عملٍ من نوع (deskpro&prolinea) كمكوناتٍ أساسيَّة للنظام، وقد صُمّم صندوق الاقتراع الروسي بطريقةٍ يسهل صيانتها وإصلاحها من قبل كادر محطة الاقتراع، وهو أمرٌ مهمٌّ وجوهريٌّ في التعاقد لشراء التقنيَّة، وهذا ما تفتقد له التجربة العراقيَّة، حيث ينصح خبراء التصويت الإلكتروني بتجنب شراء التقنيَّة إنْ لم تكن الكوادر الوطنيَّة قادرةً على الاستدامة.
اما بخصوص مكونات منظومة جهاز تسريع النتائج التي تستخدم في العراق فهيَّ:
• جهازُ ماسحٍ ضوئي يوضع فوق صندوق الاقتراع، يتكون من شاشةٍ لتشغيل وإدارة عمل البرنامج.
• طابعةٌ لغرض طباعة التقارير الورقيَّة.
• منافذ USB وقارئ SD.RAM.
• غطاءٌ يستخدم لسحب ورقة الاقتراع العالقة أثناء عملية المسح.
• غطاءٌ بلاستيكٌ مقاومٌ للصدمات.
• وسائل اتصال WIFI.LAN.4G.3G.
• بطاريَّةٌ خارجيَّةٌ تعمل لمدة 12 ساعة.
وقد صمم الجهاز ليكون قادرًا على قراءة الجانبين (الأمامي والخلفي) لورقة الاقتراع، وقراءة قلم التأشير المخصص للتأشير على ورقة الاقتراع، علماً أن هذا القلم تمّت إضافته لاحقًا ولم يكن متفقًا عليه وقت التعاقد، ويستطيع الجهاز ايضا قراءة ورقة الاقتراع، حتى لو احتوت على طويات متعددة، ويقرأ هذا الجهاز البيانات المخزونة في بطاقة جهاز التحقق، حيث يجب أن تكون هناك إمكانيَّة لربط جهاز التحقق مع جهاز العدِّ والباركود الخاص بورقة الاقتراع ومطابقته مع قائمة الباركودات المخزونة في بطاقة تشغيل جهاز التحقق الإلكتروني، كما يستطيع هذا الجهاز إرسال البيانات إلكترونياً عبر
الانترنت.
ويُذكر أنَّ وحدة الإرسال مزودةٌ بشفرةٍ معقّدةٍ لمنع أيِّ عمليَّة اختراق (قرصنة)، مع ذلك فقد أثبتت التجربة أنَّ أيَّ نظامٍ إلكتروني مهما كان معقدًا فإنّه معرضٌ للاختراق. لا سيما بعد الاختبار الذي أجري على برنامجٍ مفترضٍ للتصويت عبر الانترنت في واشنطن، العاصمة الفيدراليَّة للولايات المتحدة الأمريكيَّة، وفي هذا الاختبار لم يجد فريقٌ من المختصين في المعلوماتيَّة من جامعة ميشغان أيَّ صعوبةٍ في التسلل إلى النظام المعلوماتي الانتخابي والتلاعب ببطاقات التصويت وتغيير مفاتيح الدخول السريَّة.
علما أنَّ هناك أمرين مهمّين آخرين للتأكد من فاعلية منظومة التصويت الإلكتروني هذه، أولهما فحص كفاءة الأجهزة من قبل طرف مستقل ثالث، وهو موضوعٌ أثار جدلًا كبيرًا في الانتخابات العراقيَّة السابقة وشكّل مادةً لنقد المفوضيَّة حتى بعد التمكن من التعاقد مع إحدى الشركات لهذا الغرض، وثانيهما إجراء عمليَّة محاكاة ليوم الاقتراع.
يذكر أنَّ فريق المساعدة الدولي الانتخابي التابع للأمم المتحدة، والذي يقدم الاستشارات للمفوضيَّة، كان قد أرسل رسالةً إلى مجلس المفوضين قبل التعاقد على شراء تقنيَّة التصويت المذكورة، تتضمن تقريرًا مهمًا ومفصّلًا حول التحديات والمخاطر المتوقّعة لاستخدام التكنولوجيا في التصويت، وقد ورد في مقدمة هذه الرسالة (وعلى الرغم من تقييم الفريق الانتخابي للأسباب، التي تدفع المفوضيَّة الاستخدام التقنيّات الحديثة، فإنَّ الفريق الدولي للمساعدة الانتخابيَّة يودُّ لفت انتباه المفوضيَّة إلى أنَّ الأنظمة الانتخابيَّة، التي تعتمد على تسجيل وعد الاصوات الإلكتروني ليست لها أفضليَّةُ على الأنظمة الانتخابيَّة، التي تعتمد على التصويت والعدِّ اليدوي، ويودُّ الفريق الانتخابي لفت انتباهكم إلى التصور الخاطئ بأنَّ اللجوء للحلول الإلكترونية، هو الترياق الذي سيعالج التحديات التي واجهتها المفوضيَّة في الانتخابات السابقة).