عراقيٌّ أحبَّ أوروبيَّة.. فتورَّط نفسيَّاً

منصة 2023/09/21
...

جئتك عليلاً طالباً منك (رجاءً رجاءً رجاءً) أنْ تعينني بالشفاء من مرضي الذي أعانيه منذ 3 سنوات ولم أعد أطيقه، فإما أنا وإما الموت وترك الحياة نهائياً.. والأمر كالىتي: 

بعد وصولي الى أوروبا وأنا بعمر 42 عاماً، وأنا مشبعٌ بتقاليد بلدي وبشخصيتي التي تربيت عليها في بلدي الحبيب، جاءتني امرأة عمرها (39) عاماً لتدرس عندي العربيَّة وكان هدفها هو الزواج مني. وبعد سنة حدثت العلاقة القويَّة مع أسرتها بهدف الزواج. وأخذت أسألها عن ماضيها وعلاقاتها مع الرجال فأجابتني أنَّ لها علاقة مع خطيبٍ قديمٍ استمرت عشر سنوات. بعد سنتين كررت عليها سؤالي، وأجابت بعفويَّة وصدقٍ أنَّ لها أربعة رجالٍ هدفها الزواج إلا أنَّهم تركوها، وهي نادمه وتائبة.

وهنا بدأ الصراع بيني وبينها، بدأت أحبُّها وأغارُ عليها حتى من ماضيها، وبدأت أكره جميع الرجال الذين ارتبطت معهم بعلاقت، وأخذتُ أنفر منها بألمٍ وعقدة نفسيَّة لا أتمكن من حلها.

أنا أعرف أنَّ هذا لا يجوز في ديننا، ولا أنا مسؤولٌ عن ماضيها، لكنني أتصرف بغيرة نحو ماضيها وأحسُّ أنها تخونني وكأنَّ الماضي حاضر، وكأنني أعرفها وتعرفني من عشرات السنين.

ذهبت لطبيبٍ نفسي ولم يتمكن من معالجتي، إذ لا أستطيع الدراسة والنوم ولا العمل أبداً سوى التفكير ورغبتي في الانتقام من هؤلاء الرجال الأشرار ومنها، وكأنَّ طعنة في شرفي حصلت.

نعم أنا أعرفُ أنَّه تقليدهم الأوروبي ولكنني لا أستطيع تجاوز المعضلة.

أرجوك ساعدني فأنا تعبت جداً وسئمت من حبي وكرهي لها، وإنها تحسُّ بهذا وهي صاغرة طائعة لي تسمع كل ما آمرها به وبكل توجيه أوجهه لها، فهي لا تريدني أنْ أتركها أبداً، وأنا حائرٌ ماذا أفعل.

ربما تعدّني مجنوناً، فأنا لست مجنوناً بل متمسكٌ بتقاليدي التي لا تتطابق مع تقاليدهم. أرجوك اكتب لي رقم تلفونك لأخابرك وأسمع صوتك كي أرتاح وأنام ولو يوماً واحداً.

أخوك - غريب

الأخ غريب 

تتحدد مشكلتك بالآتي:

إنَّ ضميرك الأخلاقي لا يتقبل قيم المجتمع الأوروبي الذي تعيش فيه حالياً، في ما يخص علاقة الرجل بالمرأة، وإنك دخلت بعلاقة مع امرأة أوروبيَّة فورطته فيها.

من هذه الورطة نشأ لديك صراعٌ نفسيٌ حادٌ عكّر مزاجك و»طيّر» النوم من عينيك، فأتعبك ضميرك الأخلاقي المتمثل بالقيم الدينيَّة والاجتماعيَّة التي تربيت عليها في مجتمعك العراقي أربعين سنة، قد نصّب نفسه «حاكماً» عليك وجعل منك «متهماً» بالمروق على القيم والأخلاق، وصار يستدعيك كل ليلة إلى «قاعة المحكمة» تبدأ مشاهدها لحظة تضع رأسك على الوسادة وقد تستمر حتى الفجر، يعنّفك وينهال عليك بألفاظٍ تحملُ معاني التحقير لذاتك ويظهرك كما لو أنَّك ارتكبت ذنباً عظيماً، عليك أنْ تكفّر عنه أو تبقى تدفع ثمنه بهذه المعاناة النفسيَّة التي تطورت لديك الى حالة من «الوسواس القسري».

والشيء الجيد فيك أنَّك تشخّص حالتك بشكلٍ صحيحٍ، لكنك غير قادرٍ على التخلص منها، وحلها يكون بواحد من اختيارين:

الأول، أنْ تنهي علاقتك بها وتبحث عن امرأة عراقيَّة أو عربيَّة بمثل قيمك وتقاليدك.

الثاني، أنْ تقنع ضميرك الأخلاقي أنَّ الفتاة في المجتمع الأوروبي لها أنْ تقيمَ علاقات قبل الزواج، فاذا اقتنع بذلك عليك ألا تحاسبها على ماضيها.

ويبدو أنَّ مطاوعة ضميرك الأخلاقي على التكيف مع قيم المجتمع في هذا الموضوع تحديداً ستكون صعبة وقد تحتاج الى وقت. فأنت كأي رجلٍ شرقي، يتحكمُ بك ماضي المرأة أكثر من حاضرها. فبالرغم من أنَّها تحدثت لك بصراحة عن ماضيها، وتريد فعلاً أنْ تكون مخلصة لك، لكنَّ عقلك الشرقي يقول لك: ما دامت لها علاقات سابقة فإنَّها ستخونك، بل إنَّ أفكارك الوسواسيَّة والتسلطيَّة تدفعك الى أنْ تنتقم من الأشخاص الذين كانت لهم علاقة بها (وقد يكون هذا دليلاً على أنَّك تحبها).

واحذر أنْ تأخذ أي علاجٍ نفسي (باستثناء زولام أو ميلاتونين)، لأنَّ مشكلتك تكمن في أفكارٍ ومعتقدات وقيمٍ لا تغيرها الأدوية، إنَّما الحوار مع استشاري نفسي (عراقي أو عربي) فإنْ تغيرت عن قناعة ثابتة، أعني أنْ تغلقَ باب ماضي هذه المرأة فبها، وإنْ لم تستطع، فقّبل يدها وقل لها وداعاً.