الشراكة مع القطاع الخاص

اقتصادية 2023/09/25
...

محمد شريف أبو ميسم 



حين نتكلم على الشراكة بين القطاعين العام والخاص ونحن إزاء نظام اقتصاد السوق، فهذا يعني أننا نتكلم على نموذج يُراد له أن يقترب من نموذج دولة الرفاه التي رسم ملامحها الاقتصادي البريطاني جون مينارد كينز، إذ تعتمد في نظامها الاقتصادي على دور كل من القطاعين في عملية التنمية وتمويل الوعاء الضريبي لضمان حقوق كل التشكيلات المجتمعية في تقديم الخدمات وتوزيع الثروة وضمان وصول أفضل الخدمات الصحية والتعليمية لجميع التشكيلات المجتمعية.

إذ ترتسم اتجاهات الاقتصاد الكلي وفق ما يسمى باقتصاد السوق الاجتماعي القائم على فكرة العدالة الاجتماعية، على خلاف نظام ليبرالية السوق أو ما يسمى "السوق الحرة" الذي يترك للرساميل إدارة شؤون الحياة وصولاً إلى أن يحل محل سلطة الدولة، بدعوى الحرية وحق الملكية المطلقة والمسؤولية غير الملزمة في ظل ما يسمى بمواطنة الشركات، فتتجلى بذلك سلطة رأس المال التي تحل محل سلطة الدولة تلقائياً.

وعملياً، تكون الشراكة بين القطاعين العام والخاص مهددة في تطبيقاتها الإجرائية ما لم تستند إلى منظومة قانونية محكمة، تأخذ في نظر الاعتبار حقوق وواجبات كل من القطاعين العام والخاص، في بيئة قانونية تنتظم فيها علاقات السوق من جانب وعلاقات عناصر السوق مع القطاع العام والجهاز الإداري للدولة من جانب آخر، دون أن تكون الأولوية لطرف على حساب الطرف الآخر. وعلى هذا كان العديد من المعنيين في الشأن الاقتصادي يكررون دوماً مطلبهم الخاص بشأن الإعلان عن شكل نظام اقتصاد السوق الذي نحن بصدده، لتكون مرحلة التكيف واضحة الملامح بما يؤسس لدور القطاع الخاص في عملية التنمية بجانب دور القطاع الحكومي، والخروج من عقدة البيروقراطية، والخلط بين ما يقال بشأن تطوير القطاع الحكومي في وقت نؤسس فيه وندعو إلى مزيد من الخصخصة، على وفق ما يقال بشأن شروط صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية والخزانة الأميركية. وربما يكون بيان المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء الجمعة الماضي، بشأن لقاء رئيس الوزراء مع أعضاء غرفة التجارة الأميركية بحضور عدد من رجال الأعمال والمستثمرين وممثلي شركات أميركية كبرى، واضحاً بهذا الشأن حين نقل لنا وجهة نظر تقر بعدم إمكانية تحقيق الإصلاح "دون وجود قطاع خاص فاعل ومتمكن وشريك مع الحكومة" وهذا الأمر يجب أن يتجسد بنص قانوني تعقبه سلسلة من التشريعات التي تضمن حقوق كل الأطراف في هذه الشراكة.