بغداد: نوارة محمد
غياب ثقافة السعادة عن يومياتنا لاسباب عدة، أهمها عدم وجود مناخات حياتيّة واجتماعيّة وممارسات ترفيهيّة لهذا المفهوم ورغم تزايد التثقيف الالكتروني بشأن سعة الحياة في بلدان عديدة وسعي الشعوب إلى المحافظة على كل ما يدعم هرمون السعادة، إلا أن المجتمع العراقي المنغلق يفسر السعادة على أنها وجود سقف للحماية والنوم بمعدة ممتلئة.
وترى خبيرة العلاقات الاجتماعية الدكتورة نضال البدري أن المجتمع العراقي رغم الانفتاح الحاصل بعد 2003 ما زال يحدد السعادة في الامان والمأكل والمشرب، ويعود ذلك إلى ضيق فرص العمل وتراكم الازمات في الوعي الجمعي العراقي. وتضيف: نحن لا نملك أية خيارات غير التكتل الاجتماعي والعيش بسلام معقول، والتغلّب على الازمات في كل ما يهدد الحياة الاجتماعيّة، وسيبقى هذا المفهوم التقليدي للسعادة قائما مادام المجتمع لا يريد تطوير مفاهيمه والانفتاح على الحياة بمفهومها الواسع.
وتجد منى عبد العزيز المجتمع العراقي غير متفاعل مع المجتمعات الأخرى ورغم أن الملايين من العراقيين يعيشون في المهجر، إلا أنهم يتمسكون بنظرتهم الأحادية للحياة ويجدون السعادة في الاستقرار الأسري والمادي وهم لا يشجّعون على التعبير الشخصي، فهم لديهم مفاهيمهم التي لا تتغير وكل ما يعارض الاتفاق الجمعي يعد خارج الأخلاق، وما حدث في حفل اليوم الوطني دليل على هذا، فالحرية الشخصية معدومة، وكذلك يوجد تراجع بالوعي بشأن المتغيرات الحياتية. ويعتبر سعد ابراهيم وهو ناشط مدني أن المواطن العراقي خارج عن المحددات العالمية للسعادة، فهو يعيش منغلقا ومدافعا عن ركائز حياته التي لا تعدو أكثر من زواج ناجح ودخل مادي يؤهله للعيش والتغلب على ازمات البلد.
ويتابع: العراقيون الآن في كل مكان من الارض لكنهم لا يريدون الخروج عن أسلوب عيشهم وهذا مؤسف للغاية وهم ينتقدون بشدة الحريات الشخصية ويرونها خروجا عن الاخلاق والاعراف الاجتماعية.
من جهتها تقول ميسون رحمن وهي معلمة ابتدائية إننا: نفقد الكثير من المهارات عندما لا ينطبق التعليم مع مفاهيم المجتمع والكارثة الكبرى، أن الكثير من التلاميذ يشعرون بكآبة وعدم القدرة على تنمية قدراتهم لأنها تصطدم بمفاهيم بيتية تقطع عليهم التعليم، وهذا الامر يشكل صدمة للطفل الذي يعتقد أن ما تقوله المعلمة هو الصحيح، إلا أن هذا الطفل يواجه في البيت قرارا مختلفا يدعوه إلى عدم تصديق المعلمة، وبذلك نخلق مجتمعا متأزما نفسيا ولا يفهم ما يجري حوله.