مبادرات ترامب السلمية يجب تفعيلها

آراء 2019/05/11
...

د. محمد رياض حمزة
 

في 6 أيار 2019 وبعد لقائه رئيس الوزراء الايطالي “ جوسيبي كونتي” في البيت الابيض بالعاصمة الامريكية واشنطن قال  الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” في المؤتمر الصحفي المشترك مع “ كونتي” ، أنه مستعد للقاء القادة الأيرانيين في إي مكان وفي أي وقت ومن غير شروط مسبقة “ وأضاف “ ان ذلك سيكون من صالح الولايات المتحدة كما هو من صالح إيران والعالم”.وكرر الرئيس”ترمب” أمله في أن يلتقي القادة الإيرانيين للتفاوض.
ويمكن اعتبار تصريحات “ ترامب “ مغايرة تماما لتصريح سابق تضمن تهديدا شديد اللهجة لإيران. إلاّ أنه ، كما يبدو، سمع رأيا أوروبيا نقله “كونتي” تضمن حثّه على التفاوض مع إيران . كما أن “ ترامب “ ذاته عرف بالجرأة على كسر الجمود والجلوس إلى طاولة الحوار المباشر مع من الخصوم داخل أمريكا وخرجها . كما فعل مع كوريا الشمالية وروسيا. وتحسب تلك المبادرات ل « ترامب» بالتفرد عمن سبقه من رؤساء الولايات المتحدة .
كما ثمن محللون  تصريحات “ترامب”  للتفاوض غير المشروط مع القادة الايرانيين وإعتبرت بادرة طيبة للحد من التوتر الذي دفعت به إدارته ضد إيران بإجراءات بتشديد العقوبات والعمل على وقف صادرات إيران النفطية وتصاعد التهديدات بالحرب التي جاءت  متزامنة مع التحركات العسكرية الأمريكية في  المنطقة العربية . كما أن تصريحات “ترامب “ أجهضتها تصريحات لاحقة  لوزير الخارجية الامريكي “ مايك بومبيو” . وكذلك بيان للكونغرس الامريكي تضمنا شروطا على ايران تنفيذها قبل الدخول لأي تفاوض بين الجانبين. فالتناقض في مواقف الجانب الأمريكي جعل إيران غير واثقة من جدية تلك التصريحات .
والمتابع لتطورات الاحداث الان في السجال المحموم الذي ينذر بالحرب في منطقة الخليج العربي ، لم يدرك ما تعنيه الحرب التي ليس فيها من منتصر. فدمارها لن تنجو منه دول الخليج كلها  وربما دول الشرق الأوسط كلها  . فإسرائيل كانت ولا تزال وستبقى تدفع بالولايات المتحدة الامريكية لضرب
 إيران.
 إيران من جانبها تتوعد بالدفاع عن نفسها وبالرد بكل مالديها من القوة العسكرية. فالقادة الايرانيون أعلنوها صراحة أن نيرانهم  ستطال كل دولة تستخدم أراضيها واجواءها ومياهها  للحرب على إيران . ومعلوم ان للولايات المتحدة قواعد عسكرية  في معظم الدول المحيطة بإيران أرضا ومياها . وفضلا عن استنفار قواعدها العسكرية والتموينية المحيطة بإيران حركت واشنطن قطعاتها البحرية فانتشرت في  مياه الخليج والبحر الاحمر والمتوسط. لذلك فان شعوب المنطقة دون استثناء من المدنيين العزل سيكونون ضحايا الحرب إن وقعت. لا أراد الله.
أما أوروبا فموقفها متناقض صرف . ففي الوقت الذي تدعو إيران للالتزام الكامل بالاتفاق النووي ، لم تعلن صراحة رفضها للعقوبات الامريكية  بوقف  صادرات النفط الايراني أومنع التعامل المالي مع إيران.
وبالرغم من موقف كل من روسيا والصين “ الشاجب” للتحرك الامريكي إلا أنهما بإمكانهما العمل الكثير لنزع فتيل الحرب  التي يمكن تدمر دولا باكملها.
ومن بين الخبث الاعلامي مال بعض المحدثين الغربيين والعرب الى استغلال تناقض التصريحات المتوترة  التي تصدر من الجانبين لتسويغ وقوع الحرب التي ستلحق الدمار الاوسع بمنطقة الخليج وستكون أثارها كارثية على الاقتصاد العالمي. فالمتوقع أن يتوقف تصدير 40% من النفط الخام إلى
 العالم.                                                                                            
وغير بعيد عن سماع قرع طبول الحرب في المنطقة العربية فهناك سباق تسلح أخطر مما شهدته ايام الحرب الباردة بين الغرب والاتحاد السوفييتي. فأمريكا رصدت اكبر موازنة مالية  في تأريخها  بمبلغ 69 مليار دولار للعمليات وتطوير الاسلحة. وترد روسيا عن اعتماد القوات المسلحة الروسية أكثر من 300 نموذج جديد من المعدات العسكرية منذ عام 2012. يمكن ان يضرب في أي مكان داخل الولايات المتحدة واوروبا.
مطلوب الان من  الامين العام للامم المتحدة “ أنطونيو غوتيريس” ومن صلب واجبه أن يتدخل بالتعاون مع كل ذي عقل وتبصر إنساني في هذا العالم أن يتدخل لوقف الحرب .
وهذه دعوة لشعوب العالم كله ليفرضوا إرادة السلم ورفض الحرب بكل وسيلة سلمية
 ممكنة .