الذكاء الاصطناعي.. عالمٌ خطرٌ مليءٌ بالألغاز
فجر محمد
قد لا يأبه الكثير من الآباء والأمهات إلى خطورة نشر صور أطفالهم والأخذ بنظر الاعتبار، التطور الذي أنتج الذكاء الاصطناعي والدور الكبير الذي لعبته تطبيقاته، وكيف يمكن أن يشيع الرعب بنفوس الكثيرين ولو على سبيل المزاح والتسلية، إذ يمكن أن ترسم برامج وتطبيقات الذكاء الاصطناعي صوراً تحاكي ما يمكن أن يكون عليه شكل الإنسان مستقبلا، وفي تجارب متعددة في دول متطورة جرى الاهتمام بالذكاء الاصطناعي بشكل كبير، وقد أثارت تلك التجارب مخاوف الآباء، من إمكانية تركيب صور أبنائهم على برامج مختلفة، ومن ثم تعرضهم للتهديد والابتزاز.
تشير التقارير والدراسات إلى وجود مخاطر فعليّة، نتيجة استخدام الذكاء الاصطناعي وما يقدمه من تطبيقات وأفكار جديدة في الابتزاز الالكتروني، إذ توضح تلك الدراسات أن هناك عدداً لايستهان به من المبتزّين، والقادرين على اختراق التطبيقات الالكترونية وما ساعدهم أكثر هو التطور والحداثة والبرمجيات المتقدمة، وعلى الرغم من أن أغلب هؤلاء الهاكرز هم صغار في السن ولكنهم مولعون بالانترنت والحاسوب، وكل ما له علاقة بهذا المجال. وبحسب الدراسات والبحوث فإنّ استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي أدى إلى ورود شكاوى بخصوص أشخاص يتعرضون للتهديد والابتزاز الالكتروني، وأوضحت تلك التقارير أن أغلب المشتكين هم من المراهقين وممن يسيئون استخدام الهواتف الذكيّة ومواقع التواصل الاجتماعي، ولهذا عملت أغلب دول العالم على إطلاق حملات توعويّة، وتثقيفيّة تستهدف فيها الشباب والمراهقين، وتزودهم بمعلومات تساعدهم على الابتعاد عن الهاكرز والمبتزين الالكترونيين.
حيطة وحذر
كانت تحب سارة أمجد مشاركة يومياتها مع صديقاتها بكل فرح وسعادة، ولم تتوقف عن هذا النشاط إلّا مؤخراً، إذ بدأ يساورها القلق والخوف من إمكانية استخدام صورها بطرق مختلفة فبعد أن اطلعت عن إحدى الفيديوات التي انتشرت مؤخراً عن إمكانية سرقة صورها، وزجها في برامج وتطبيقات مختلفة، بدأت تنتبه أكثر وتبتعد عن نشر خصوصياتها.
بينما تقع المعلمة زينب الشمري في حيرة من أمرها بعد أن تم انتشار مقطع فيسبوكي يحذر من استخدام تطبيق "التليكرام"، فحسب المقطع، أن هذا الذكاء سيقوم باستغلال استخدام البشر لتطبيق "التليكرام" ليقوم بالدخول على محتويات الهاتف الشخصية وسحب الصور والمقاطع المرئية للمستخدم وتركيب صور خادشة للحياء على وجه ضحيته.
الشمري أضحت في حيرة من أمرها لأنها تستخدم هذا التطبيق للتواصل مع طلبتها، إذ تقول: "إنَّ وباء كورونا أعطى لنا وسيلة للتواصل المستمر مع طلبتنا وهم في منازلهم، وهذا ما شكرت الله عليه لأنني من المهم مراقبتهم وتذكيرهم المستمر بواجباتهم المنزليّة، وبذلك نحقق الإفادة، لكن للأسف ها أنا قد اضطررت لحذف هذا التطبيق المهم بسبب دخول ما يسمى بـ (الذكاء الاصطناعي) على حياتنا".
الباحث والأكاديمي الدكتور أحمد عبد الحسن الابراهيمي يرى أن للتكنولوجيا جانبين، سلبياً وايجابياً، والأمر ينطبق على الذكاء الاصطناعي، لأن تطبيقاته وبرامجه مختلفة ولكن على المستخدم أن يديره بشكل صحيح، وان يكون هناك سيطرة وتحكم في عرض المعلومات الشخصية، خصوصاً تلك التي يشارك بها المستخدم على مواقع التواصل الاجتماعي، ويلفت الابراهيمي إلى أن السبب في الاختراق الالكتروني يعود إلى المستخدمين أنفسهم، وهذا لا ينفي مدى أهمية هذا المجال الجديد ودخوله في قطاعات الحياة المختلفة.
ثورة التكنولوجيا
لا يكاد يفارق شاشة كومبيوتره الشخصي إلّا لساعات قليلة، ثم ما يلبث أن يعاود نشاطه المحموم بل ولشدة اهتمامه وتكريسه وقتاً طويلاً للذكاء الاصطناعي، يطلق على هشام محمد العبقري الصغير فهو مراهق لا يتجاوز عمره الـ 15عاما ولكن لديه مقدرة فائقة في مختلف البرامج، والتطبيقات وهذا يثير فضوله دائما، فتجده مولعاً بطرق الاختراق الالكتروني وكل ما له علاقة بهذا الشأن.
ومن وجهة نظر الاكاديمي الدكتور سامر سعيد أن التطبيقات الالكترونية تحتاج إلى ثقافة وفهم وطريقة استخدام واعية، والامر ينطبق على الذكاء الاصطناعي، وتطبيقاته وبرامجه المختلفة خصوصاً في ظل وجود الهاكرز الذين يجدون متعتهم وتسليتهم، في اختراق التطبيقات والبرامج المختلفة، وقد يكونون مرتبطين بمجاميع متنوعة تعمل لذات الهدف، ولهذا يجب الانتباه لدى استخدام التطبيقات والبرامج المتنوعة، واختيار كلمات المرور بحذر وتأنٍ.
لافتاً إلى أنَّ الأغلبية من الهاكرز هم شباب وصغار في السن، وجدوا في الاختراق باباً للتسلية والمتعة.
وفي وقت سابق صرح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أنّ الهجمات الإلكترونية المدعومة بالذكاء الاصطناعي، تستهدف البنى التحتية الحيويّة والعمليات الإنسانيّة وعمليات حفظ السلام مسببة "معاناة إنسانيّة كبرى".
روبوتات متمرسة
للذكاء الاصطناعي جوانب مشرقة أيضا، إذ لم يتوقف الباحثون والخبراء عن ادخال التطور والحداثة على هذا التخصص الدقيق، فعلى سبيل المثال دخلت الروبوتات الآليّة إلى قطاعات الحياة المختلفة وسهّلت الكثير من الجوانب الحياتيّة، ومنها وجود روبوتات تقوم بالمهام المنزليّة.
لا يمكن أن تستغني شيماء عاصم عن روبوتها الصغير المسمّى عبير، فبشكله الدائري الصغير يقوم هذا الروبوت بعملية المسح والكنس، ومساعدتها في أعمال التنظيف المنزليّة وما شجع شيماء على اقتنائه هو سرعته وسهولة استخدامه، وتقول شيماء بينما هي تبرمج عبير: "في البداية ترددت كثيراً في شرائه، لكن لاحقاً شجعتني صديقتي التي سبقتني باقتنائه فهو مفيد ومريح ويساعد كثيراً في أعمال التنظيف المنزليّة، كلما يحتاج اليه هو برمجة صحيحة ومكان مسطح ليعمل عليه".
في وقت سابق أعلنت شركة دايسون العالمية عن ابتكارها روبوتات آليّة، قادرة على المساعدة في عمليات التنظيف المنزليّة، وتمّ تصميم أذرع آلية لتلك الروبوتات مع فوهة مكنسة كهربائية لتنظيف الأثاث.
وروبوت آخر له قبضة ناعمة يمكنه تحريك الأواني والأطباق وترتيبها، أما الثالث فيمكنه جمع الأشياء الصغيرة المبعثرة في المنزل، من لعب ودمى الأطفال وغيرها.
محاكاة السلوك البشري
من المثير للاهتمام معرفة أنّ الذكاء الاصطناعي قد دخل في مجال عمل المؤسسات والشركات، بعد أن أصبح مزودًا بأشكال عدة من التعلّم الآلي، ووفقاً للباحث والأكاديمي الدكتور أحمد عبد الحسن الابراهيمي، فإنّ هناك شركات ومؤسسات أصبحت تستغل الذكاء الاصطناعي بشكل واسع، وذلك عن طريق إنشاء روبوتات تقوم بالدردشة مع المستخدم، وتطرح عليه مجموعة من المقترحات لكي تساعده في مهمته.
تلفت البحوث المتقدمة إلى أن مصطلح الذكاء الاصطناعي يمكن إطلاقه على أي نظام كومبيوتر يتم تدريبه على محاكاة السلوك البشري الذكي، ولهذا النظام أثر كبير على الحياة البشريّة فهو ينظم جداول العمل فضلاً عن دخوله المجالات المتعددة.
كما بيّن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أنّه من الجلي أن الذكاء الاصطناعي سيكون له تأثير على جميع نواحي الحياة، وأن هذه التقنية قادرة على تسريع التنمية العالميّة في قطاعات حيويّة مختلفة.
أوضحت التجارب المتعددة التي اختصّت بالذكاء الاصطناعي وببرامجه وتطبيقاته الملفتة للنظر، أنّه قادر على أداء المهام بشكل أفضل بكثير من البشر.
خاصة عندما يتعلق الأمر بالمهام المتكررة والموجهة نحو التفاصيل، مثل تحليل أعداد كبيرة من المستندات القانونيّة وغيرها من المهام التي تتطلب التركيز والدقة.
ونظراً لمجموعات البيانات الضخمة التي يمكن لتلك البرامج
معالجتها، فهو قادر على منح المؤسسات رؤى متطورة تساعدها في تطوير عملها.