نساء بوجوه مصطنعة ومتشابهة

منصة 2023/11/14
...

   بغداد: نوارة محمد


- لدي حجز مسبق لحقن "فلر وجنات، وتوريد شفايف دائمي".. قالت سارة بوجه نصف مبتسم.

- حسابك 450 الف، أجابت موظفة الحسابات وهي تسجل بيانات الزبونة. 

ما أن سمعت هذا حتى خُيل لي أنني في عالم آخر، عالم بدا معه كل شيء ممكن ومتاح، والأغرب من ذلك، إن إقبال النساء على الوجوه المحددة والشفاه الممتلئة والأجسام المقوسة أصبح هوساً يلاحق الجميع، ومع كل عصر تسود مقاييس الجمال وكل ما يشذ عنها فهو قبيح. 

تقول الدكتور تكبير محمد صاحبة مركز تجميل: سرعان ما تّحول الطب التجميلي إلى ثورة اجتاحت العالم، بدا كل شيء ممكنا ومتاحا، وسرعان ما أتاحت منصات التواصل الاجتماعي فرص الظهور، لكثيرات حتى تزايدت الجراحات التجميلية بشكل ملفت. 

وأضافت محمد أن "مهنة الجراح التجميلي واحدة من أفضل المهن الحرة الرائجة في العالم". 

وتتذكر الدكتورة كيف أنها عمدت قبل خمسة أعوام الى تحويل مهنتها من طبيبة أسنان إلى استشارية وجّراحة تجميل طفيف بعد حصولها على شهادات مراكز معتمدة من عمان ودبي وبيروت، كما توضح "لأن الأمر في الأعوام الاخيرة لا ينتهي عند قلع ضرس أو بناء حشوة جذر، نُحن نستقبل يومياً عشرات النساء، ممن يوّدن الحصول على بشرة مثالية ووجه مقُسم وشفاه كرزية". 

 يتفق الجميع على أن العراق يقع ضمن الدول، التي تتزايد فيها الجراحات التجميلية لأسباب تتعلق بقلة الثقة بالنفس و"التماشي" مع المزاج العام.. وبعيداً عن المبالغة فإنَّ هناك من يرى أنَّ العراق أصبح يفتقر تماماً لمقاييس الجمال الحقيقي المريح للبصر غير المُعبأ بـ "السيليكون والفيلر" وأيضا يفتقر الى التحضر المدني. ويرى آخرون أن أغلب النساء في العراق تعاني من هوس الحصول على الكمال المُزيف. ويقول الاكاديمي الدكتور علي عقيل مهدي: أكاد ألا افرق بين الطالبات في الجامعة، الوجوه تتشارك في الهيئة وقالب الوجه، وأظن أن النساء يفتقرن الى الثقة بالنفس. نعم هنالك ثورة تجتاح العالم، الجميع يركب موجة الجمال المُصنع، الملامح الحقيقية بدت نادرة الوجود بين نساء جيل الألفية الأخيرة. 

ووردة سالم طالبة في كلية الصيدلية ترى أن التحولات الاجتماعية تُفرض علينا زيفها تتحول وبمرور الوقت إلى واقع. وتقول: فمثلا تتحدث اليوم معظم وسائل الإعلام باستفاضة عن الوزن الزائد، وبروز مناطق معينة في الجسد، والتي قد لا نجدها سوى بين نجوم هوليوود، وعارضات الأزياء وهي تروّج بدورها إلى الوسائل المختلفة للتخلص الكيلوغرامات الزائدة، بدءا من عمليات نحت الجسم، وصولًا إلى التدخلات الجراحية، ما يجعل ذلك حُلم المرأة العادية، على نطاق واسع".  وتضيف: في هذه الفوضى هناك أخريات لا يزلن مؤمنات بوجوههن الطبيعية، وجمال لون بشرتهن غير الخاضعة للتوريد وأبر البوتوكس ومحفز الكولاجين.