بدور العامري
الجميع يعلمُ أن عمليَّة إيجاد البيئة الصحيَّة المناسبة لطلبة المدارس وتحقيق الأهداف المرجوة للعمليَّة التعليميَّة، لا سيما في المراحل الابتدائيَّة، ليست بالمهمة السهلة، وإنما بحاجة الى جهود متكاملة بين أولياء الأمور والملاك التربوي في المدرسة، في موضوعات سابقة تحدثنا عن دور المعلم والتربوي في هذا المجال، أما في هذا الموضوع فسيتم التركيز على دور أولياء الأمور ورفدهم ببعض النصائح والخطوات من قبل مختصين وباحثين من ذوي الشأن، سيتمكنون من خلالها من رسم طريق النجاح والإبداع لأبنائهم من طلبة المدارس.
المشاركة والحوار
خبير التربية والسلوك الدكتور أحمد خطاب أشار الى عددٍ من الخطوات التي يجب على الآباء اتباعها بهدف تحسين المستوى الدراسي للطالب، أولها "توضيح أهميَّة الدراسة بالنسبة للطفل وما هي أهميتها لمستقبله، بوصفه سيكون فرداً منتجاً وذا أهميَّة كبيرة لمجتمعه وبناء بلده"، أما الخطوة الثانية فيعتقد الخبير التربوي، أنَّه "يجب مساعدة الطفل على الاستمتاع بالدراسة على سبيل المثال مرافقته في نزهات في أماكن طبيعيَّة تشتملُ على تنوعٍ للحياة البريَّة أو تلك التي تعيش بالماء والعمل على مناقشة تلك المعلومات معه على أرض الواقع، الأمر الذي يحببُ الطالب بالمادة المعرفيَّة وكذلك تشكل لديه ذكرى مميزة مع والديه أو أحدهما لا يمكن أنْ ينساها، كذلك العمل على إيجاد مشتركاتٍ أو عمليَّة ربط بين المواد التي يرغبُ في دراستها مع تلك التي لا يحبها، على سبيل المثال الربط بين الإسلاميَّة والعلوم أو اللغة العربيَّة".
وأضاف خطاب "كما يعدُّ الحوار من أساسيات تعديل سلوك الأبناء، إذ يجب أنْ يسودَ الحوارُ عند ارتكاب الطفل لأي خطأ، وعدم استخدام أساليب العنف سواء كان لفضياً أو مادياً، والاكتفاء بـ(العقاب الإيجابي) وهو عبارة عن حرمان الطفل من لعبة محببة وممارسة رياضة مفضلة نتيجة لعدم الالتزام بتعليمات الأهل أو إتمام الواجب المدرسي".
تعزيز الثقة
أما المختص النفسي والتربوي صالح عبد الكريم فينصح أولياء الأمور بـ"التركيز على الإيجابيات التي يمتلكها الأبناء وتنميتها وتطويرها الأمر الذي سيسهم في زيادة ثقة الطفل بنفسه وتقوية شخصيته، على سبيل المثال تذكيره بصورة مستمرة بمزاياه الحسنة مثل كونه وسيماً وصادقاً وذكياً ومتعاوناً ومؤدباً وغيرها، لتشمل هذه الصفات جميع المستويات (سواء كان المستوى الشكلي أو على المستوى العقلي والفكري والذهني والاجتماعي والنفسي والسلوكي وكذلك على المستوى الديني)، إذ إنَّ تكرار هذه المواصفات للطفل بصورة دائمة يعملُ على ترسيخ هذه الصفات في عقله الباطن وبالتالي يتبرمجُ عليها ويعملُ على المحافظة عليها بكل ما أوتي من قوة".
وتابع عبد الكريم "كذلك من الضروري التعرف على هوايات الطفل التي من الممكن أنْ تتحول الى مهاراتٍ يستفيدُ منها في حياته اليوميَّة بصورة إيجابيَّة، ومحاولة إدخاله في أكثر من مجالٍ علمي أو فكري أو رياضي، إذ من المهم أنْ يحصلَ على شهادات مشاركة وشهادات تقديريَّة مقابل الحصول على تلك الدورة واكتساب المعرفة الجديدة، كي تكون حافزاً له للحصول على مزيدٍ من المهارات واتساع الأفق".
التغذية الجسديَّة
وبحسب مرشدة التربية الأساسيَّة آسيا حميد فإنَّ "إهمال بعض الأمهات لموضوع تغذية الأطفال هو أحد أسباب تراجع المستوى الدراسي لهم، إذ كثيراً ما يصاب هؤلاء التلاميذ بأمراض سوء التغذية ويبدو واضحاً عليه ذلك من طبيعة جسمه النحيل وبشرته المصفرَّة".
وبينت حميد أنه بعد "استدعاء ولي الأمر يتبين أنَّ الطفل اعتاد على عدم تناول وجبة الفطور، الأمر الذي يسببُ له عدم التركيز وفقدان الطاقة وبالتالي احتمال الإصابة بالإعياء، ناهيك عن تعويض فطور المنزل الصحي بتناول أنواعٍ من الحلوى والشيبس من حانوت المدرسة".
من جانبها نبهت أخصائيَّة طب الأطفال الدكتورة استبرق عبد الحسن الى "خطورة إهمال تغذية الأطفال في عمر المدارس"، مؤكدة "أهميَّة حصول الطفل على نظامٍ غذائي متكاملٍ، كي يستطيع أنْ يمارس يومه بنشاطٍ وحيويَّة والحصول على نتائج دراسيَّة متميزة تطبيقاً للحكمة القائلة (العقل السليم في الجسم السليم)".
أنظمة علاجيَّة
وتابعت عبد الحسن أنَّ "هناك نظاماً غذائياً خاصَّاً للطلبة الذين يعانون من فرط الحركة وتشتت الانتباه، إذ يتمثل بالابتعاد عن الأطعمة غير الصحيَّة هو أمرٌ مطلوبٌ لجميع الأطفال ولكنْ من يعانون من فرط الحركة هم أكثر حاجة الى العناصر الغذائيَّة الصحيَّة المتوازنة المتمثلة بالبروتينات التي تساعد الجسم على تصنيع النواقل الضروريَّة للتركيز مثل (البيض والمكسرات واللحوم بأنواعها والفاصولياء) أما الصنف الآخر فيتمثل بالأحماض الدهنيَّة التي تزيد كفاءة الناقلات العصبيَّة بشكلٍ ملحوظٍ وهي (أوميغا 3 الموجود في الأسماك وبذور الشيا والكتان وزيت الزيتون والمكسرات واهمها الجوز)، فضلاً عن الخضراوات والفواكه بأنواعها، لأنها تحتوي على الفيتامينات والمعادن المهمة للجسم، علاوة على العسل الذي يساعدُ في زيادة تركيز الطفل وله قيمة غذائيَّة عالية، كما أنه يقللُ من فرط النشاط بوصفه سكريات بسيطة من السهل على الجسم امتصاصها وهي بديلٌ آمنٌ عن السكر الأبيض في الوقت ذاته".
وحذرت الدكتورة استبرق من "استهلاك الأطعمة المصنعة والمواد الحافظة والألوان والوجبات السريعة الجاهزة والمشروبات الغازيَّة، لأنها تعملُ على تدمير أجهزة الجسم من دون استثناء".