مشاريعُ وخطواتٌ حكوميَّةٌ لمعالجة الازدحام في شوارع العاصمة
بدور العامري
التعب والأرق صفتان ملازمتان لأغلب مستخدمي الطريق في شوارع العاصمة بغداد بشكل يومي، ومنهم المواطن سيف الموسوي، ذو الأربعين عاما، الذي بدا متذمرًا وهو يقول: "بدأت أفقد طاقتي وصبري من شدة الازدحام في الشوارع كل يوم، غذ يتجاوز وقت وصولي من مكان عملي في منطقة الكرادة إلى منزلي في مدينة الصدر أكثر من ساعتين!، سيف وملايين المواطنين يتشاركون المعاناة بسبب ازدحام الشوارع، بانتظار الحلول الحقيقية لهذه الأزمة، التي أخذت الكثير من صحتهم ونفسيتهم وإهدار وقتهم.
القدرة الاستيعابيَّة
المتحدث باسم مديرية المرور العامة العميد زياد القيسي يبيَّن، أن "مشكلة الازدحام المروري تعود لعدة أسباب، أولها عجز الشوارع عن استيعاب الأعداد الكبيرة للسيارات والمركبات بمختلف أنواعها، حيث تقدر القدرة الاستيعابية لشوارع بغداد، بما لا يزيد عن 500 ألف مركبة، اما في الواقع هناك أربعة ملايين مركبة متنوعة موجودة في العاصمة، تدخل وتخرج يوميا، وأوضح القيسي أنه من ضمن الإجراءات، التي اتخذتها الحكومة الحالية للتخفيف من مشكلة الازدحام في شوارع العاصمة هي المباشرة بمشروع الكاميرات والرادارات الذكية في بعض التقاطعات، لغرض رصد وتصوير المخالفات المرورية"، وأوضح القيسي أن "هذا المشروع يتضمن الإشارات الضوئية الذكية المتحسسة، لزخم المركبات وإعدادها، وليس بالاعتماد على التوقيت الثابت كما هو حال الإشارات العادية، حيث تم تخصيص خمسة تقاطعات في جانب الرصافة، ومثلها في الكرخ كمرحلة أولى لنصب كاميرات المراقبة ورادارات السرعة في شوارع بغداد، لغرض التقليل من تواجد رجل المرور في الشارع، فضلا عن أن عمل هذه الكاميرات، يمتاز بالآلية الذكية، ولا يفرق بين شخصٍ وآخر (الكل سواسية أمام القانون)".
ونبه على أن "هذا المشروع يعمل بشكل تجريبي يستمر لمدة ستة أشهر قبل أن يتم اعتماده بشكل رسمي، لذلك فإن رصد المخالفات في هذه الفترة، لا يتضمن تسجيل غرامات ماليَّة".
تسهيلاتٌ حكوميَّة
وفي السياق ذاته أعلن مكتب السوداني في بيان له، اتخاذ مجلس الوزراء لعدد من القرارات، عدها المهتمون بالشأن بالخطوة الصحيحة في طريق معالجة أزمة الاختناقات في بغداد، منها تخويل وزارة الإعمار والإسكان والبلديات والاشغال العامة صلاحية إجراء التعاقدات بسقف مالي، لا يتجاوز ترليون وخمسمئة مليار دينار للمشاريع الخاصة بفك الاختناقات المرورية في العاصمة بغداد بإسلوب الدعوة المباشرة (تصميم وتنفيذ) وقبول العرض الوحيد ضمن الكلفة الكلية، فضلا عن تمويل الوزارة المذكورة بالمبالغ المطلوبة، ومن ضمنها التعاقد مع جهة استشارية دولية رصينة ومرموقة، استثناءً من تعليمات تنفيذ العقود الحكومية رقم 2 لسنة 2014 المرورية في بغداد، علما أن جميع الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة تقدم الدعم لمشروع فك الاختناقات المرورية في العاصمة، الذي تنفذه وزارة الإعمار والبلديات والأشغال العامة، وتأليف لجان في كل موقع لمعالجة التعارض الذي يواجه التنفيذ، تتكون من وزارات (النفط والثقافة والكهرباء والاتصالات والنقل والمالية والتخطيط وامانة بغداد وقيادة عمليات بغداد)، مشيرا إلى تخويل تلك اللجان صلاحية تنفيذ أوامر الغيار وتضاف إلى كلفة المشروع.
فتح الشوارع
المواطن حاتم عزيز يعمل سائق سيارة أجرة، يقول هناك إجراءات ملموسة في مجال فك الاختناقات المرورية شهدتها بعض شوارع العاصمة بغداد خلال الفترة القليلة الماضية، وتحسب للحكومة، كما تعدٌّ نتيجة طبيعية لتحسن الوضع الأمني في البلاد بصورة عامة وبغداد على وجه الخصوص، مثل إكمال مشاريع الطرق، التي كانت متلكئة منذ سنوات، إضافة إلى فتح اغلب الطرق المغلقة بالصبَّات الكونكريتية، وكذلك رفع السيطرات التي كانت تسبب زخمًا مروريًا كبيرا، فضلا عن فتح شوارع المنطقة الخضراء لمرور عموم المواطنين، مما أوجد خيارات جديدة أمام سالكي الطريق والتخفيف عن الطرق المعتمدة سابقا، إلا أن المواطن حاتم أشكل على عمل بعض المشاريع الجديدة، ووصفها بمشاريع بطيئة العمل، الأمر الذي تسبب بازدحامات جديدة وخلق حوادث مرورية، بسبب وجود مواد بناء بالقرب من الشوارع الفرعية وإغلاقها أمام حركة المرور.
قيد العمل
من جانبها دعت أمانة بغداد المواطنين التحلي بالصبر اتجاه مشاريع فك الاختناقات المرورية بالعاصمة، كونها مشاريع ستراتيجية بحاجة إلى فترات زمنية تتراوح ما بين 6 أشهر إلى سنة ونصف السنة حتى ترى النور وتؤدي الغرض المنشود منها، وقال مدير إعلام وعلاقات الأمانة محمد الربيعي في لقاء متلفز، إن العمل جارٍ بـ( 19) مشروعًا لفك الاختناقات المرورية في العاصمة بغداد، توزعت ما بين انفاق وجسور ومجسرات وطرق حولية وطرق مداخل بغداد، كلها مشاريع حديثة سوف تسهم في فك الاختناقات المرورية حال اتمامها، مشيرا إلى أن أغلب شوارع العاصمة تشهد حاليا عمليات اكساء وتوسعة وفتح وتعريض الطرق من جانب الأكتاف، ومن جانب الجزرة الوسطية وغيرها من المشاريع، التي تقوم بها الأمانة لتقليل الزحام في شوارع بغداد بالتنسيق مع المشاريع الستراتيجية، التي تنفذها وزارة الإعمار والبلديات والأشغال العامة ضمن البرنامج الحكومي لفك الاختناقات المرورية بالعاصمة.
المدينة الإداريَّة
انشاء مدينة إدارية جديدة للبلاد تضم جميع مؤسسات الدولة ومقرّها يُقام في أطراف العاصمة الحالية، هي أحد الحلول الجذرية لمشكلة الاختناقات المرورية في العاصمة بغداد بحسب الخبير الاقتصادي الدكتور محمود عبد الله "إن بناء مدينة إدارية معززة بشبكة جديدة من الطرق الرئيسة، وأخرى فرعية يعدُّ مشروعا ناجحا وذا جدوى اقتصادية، يهدف إلى تخفيف الضغط على العاصمة الحالية التي تعاني من تراجع البنى التحتية، ومن ثم التأثير على نوعية الخدمات المقدمة للمواطنين، الذين زاد عددهم عن التسعة ملايين نسمة، بما فيها خدمات الطرق والمرور، وتابع عبد الله" أن فكرة انشاء مدينة إدارية قدمت منذ عام 2018 من قبل وزارة التخطيط، نتيجة النمو السكاني الكبير لمدينة بغداد، وصعوبة التنقل بين مؤسسات الدولة ووحداتها الخدمية، نتيجة للزحام الشديد، الذي يحول دون إتمام أي اجراء في ذات اليوم، الامر الذي يتطلب التفاته جادة من المعنيين لوضع تصاميم مدن سكانية حديثة، بجانبها مدينة إدارية، لتسهيل حركة المواطنين في مزاولة حياتهم اليومية وإنجاز معاملاتهم بطريقة يسيرة.
الاستثمار
بينما تعتقد أستاذة اقتصاديات الأعمال في جامعة النهرين الدكتورة نغم حسين نعمة، أن "تطوير قطاع الطرق والجسور بحاجة إلى اتخاذ أصحاب القرار في الدولة لعدة إجراءات، أولها توجيه استثمارات تتناسب وأهمية نشاط الطرق والجسور، ودوره المجتمعي والاقتصادي لإعادة تأهيل المنشآت المتضررة"، كما أكدت الدكتورة نغم ضرورة إدخال التقنيات الحديثة والمتطورة ذات المردود الاقتصادي في تأهيل وصيانة أعمال الطرق وتوفير سبل نجاحها وانشاء طرق جديدة بأنواعها المختلفة (السريعة والشريانية والثانوية والريفية)، وأضافت نعمة أن هناك ضرورة لتشريع قانون جديد أو تعديل القانين الحالية، لغرض فرض رسوم معينة على استخدام الطرق الرئيسة والجسور لتأمين مبالغ مناسبة لصيانة تلك المرافق بشكل دوري، كما يجب الارتقاء بأداء نشاط السيطرة النوعية على الطرق والجسور اثناء تنفيذها، من خلال توفير المختبرات اللازمة والكافية لإجراء الفحوصات المختبرية الخاصة بأعمال هذه المشاريع، ونصب موازين على الطرق والجسور للسيطرة على الحمولات والأحمال المحورية لمركبات الحمل، إضافة إلى تعزيز دور القطاع الخاص في مجال تقديم الخدمات.