عامر جليل ابراهيم تصوير: إعلام الأمانة العامة للمزارات الشيعيّة
بين ربوع البساتين الخضراء وعذوبة ماء الفرات، في تلك الأرض الخصبة المعطاء في شمال محافظة بابل، تحتضن هذه البقعة المباركة رمزاً ومعلماً من معالم ذراري آل البيت عليهم السلام، انه مزار علي بن الحسين رضوان الله تعالى عليه، المعروف بسبع المحاويل وذلك لكثرة كراماته، يقع المرقد الشريف في قرية الصباغية ـ قضاء المحاويل التابع لمحافظة بابل، ويبعد عن مركز المحاويل بحدود 7 كيلومترات، والى جانبه مرقد عمه محمد بن القاسم.
{سبع المحاويل}
(الصباح) تشرّفت بزيارة هذا المرقد الشريف ضمن سعيها للتعريف بالأماكن السياحيّة الدينيّة بالتعاون مع الأمانة العامة للمزارات الشيعيّة الشريفة والتقت بالسيد علي حسوني عبيد الجبوري الأمين الخاص للمزار الشريف الذي حدثنا قائلاً: هو علي بن الحسين بن القاسم بن الحمزة بن الحسن بن عبدالله بن العباس بن علي بن ابي طالب، وعمه هو السيد محمد بن القاسم بن الحمزة بن الحسن بن عبدالله بن العباس (عليهم السلام).
ويضيف الأمين الخاص للمزار: أن ولادة السيدين الجليلين علي بن الحسين ومحمد بن القاسم عليهما السلام كانت في المدينة المنورة وعاصرا الإمامين علي الهادي والحسن العسكري وبداية عصر الغيبة للإمام محمد بن الحسن العسكري (عليهم السلام).
علوم شاملة
ويؤكد السيد الأمين الخاص: أن السيد الجليل هو أحد أفراد المرأة الزكية الطاهرة فاطمة بنت أسد الكلابيّة أم البنين (عليها السلام)، إذ إنّه نهل من ذلك المعين الصافي وعاش ضمن أسرة لها منزلة رفيعة وشأن عظيم ما يجعله مدرسة للعلم بالفعل، وهذا بدوره انعكس على حياته فتمت ملاحقته من قبل جلاوزة السلطات في ذلك الوقت، حيث كان يقطن البصرة هو وعمه حتى وصل الى هذا المكان الذي أستشهد فيه، واحتلت شخصيته اهتماماً واسعاً من قبل أئمة أهل البيت (ع)، إذ إنَّ السيدين الجليلين عالمان ذوا علوم شاملة، خصوصاً التي تختص بالفقه والطب والاخلاق وغيرها كأمثال آبائهما وأجدادهما، فهما زقّا العلم زقّا، فجدهما الأعلى الإمام علي بن أبي طالب (ع)، باب مدينة علم رسول الله (ص).
ومن المعارك التي شارك فيها السيدان الجليلان معركة (نجم الناجم) في البصرة أيام خلافة المهتدي العباسي وبعد مقتل المهتدي العباسي من قبل الأتراك عُيِّنَ بدلا منه المعتمد العباسي الذي أجاز قتل العلويين أينما وجدوا، فتمكن السيدان الجليلان من الفرار من مكان الى آخر متخفين، حتى نزلا أرض النيليات وهي قرية من قرى المحاويل ضمن لواء الحلة واستقرّا فيها، وكانت السلطات العباسية تتابع أخبار العلويين ومنهم السيدان الجليلان من مكان الى آخر نتيجة الدور الذي يقومان به من بطولات وتضحيات وارشاد الناس الى طريق الحق، وأرهب هذا الدور السلطات العباسيّة آنذاك وحدثت
معركة بقيادة السيدين الجليلين ضد السلطات العباسية سميت بـ (معركة القنيطرة) الى ان استشهدا ودفنا في هذا المكان ما يسمى بالنيليات، والآن هي قرية الصباغية.
كرامات
ويمضي الأمين الخاص بالقول: حدث الكثير من الكرامات في مرقده المبارك وكانت هذه الكرامات في مجال العلاج الطبي وقد جعل الله مرقده بعد استشهاده المأوى الذي وجد فيه العاشقون والموالون عبقاً تفوح منه ذكرى جده حامل لواء قمر بني هاشم العباس (ع) فأخذوا يتوافدون عليه بكرة وأصيلا ويلوذون به عارفين لمنزلته عند الله تعالى.
ويكمل الأمين الخاص حديثه قائلا: شهد المزار الشريف عدة عمارات سابقة وحسب ما أذكر في سنة 1964 كان المرقد عبارة عن كوخ صغير وسط البساتين، محاطاً بأشجار النخيل، وتمّ بناء المرقد وتطويره في ذلك الزمان من قبل السدنة والمتبرعين وفي سنة 1975 تمت توسعة المرقد، وفي سنة 1990 تم تطويره وكانت بين فترة وأخرى يتم تجديد وتطوير المرقد الشريف وفي سنة 2007 انضم المزار الى الأمانة العامة للمزارات الشيعيّة الشريفة حسب قانون 19، وشمل بحملة حشد إعمار المزارات من حيث البناء والتوسعة والتطوير.
إعمار المزار
وعن تفاصيل المزار كان لنا حديث مع السيد مصطفى طالب كاظم نائب الأمين الخاص للمزار، إذ أوضح لنا تفاصيل المزار قائلا: مساحة المرقد الكلية الآن هي دونمان ونصف، وهو مزار كبير يحيط به سياج من الخارج له بابان من جهة القبلة احدهما للدخول يقع في نهاية الضلع الجنوبي للمزار الى اليمين باتجاه القبلة والآخر يقع الى اليسار وهو مخصص للخروج، وله صحن كبير يقع في داخل الحضرة الشريفة التي تكون مساحتها 600 متر تشمل مناصفة مصلّى للرجال ومصلّى للنساء، وتحيط بالحضرة اربعة أبواب من الخشب الصاج على كل جهة باب، وكل باب لها اسم: باب الرضا، باب الجواد، باب أم البنين، باب القبلة، والحضرة الشريفة مزيّنة بالمرآيا العاكسة، وفي منتصفها شباك كبير يضم القبرين الشريفين، وتعتلي الشباك قبة كبيرة مزينة بالمرايا من الداخل ومغلفة من الخارج بالكاشي الكربلائي والنقوش الإسلاميّة، وترتفع الى جانب الحضرة منارتان كبيرتان بطول 35 متراً، مرصّعتان بالكاشي الكربلائي، وقامت الأمانة العامة للمزارات الشيعيَّة بتطوير المزار الشريف من خلال مجموعة من المشاريع المهمّة وتجهيز بالمستلزمات الضرورية فضلاً عمّا ينتظره من المشاريع المستقبليّة الأخرى لخدمة الزائرين الكرام.
زائرون من أنحاء العالم
ويؤكد السيد لؤي عبد الكريم جاسم رئيس قسم الإعلام والعلاقات العامة في الأمانة العامة للمزارات الشيعيَّة وحسب التوجيهات المستمرة بالدعم والرعاية في جميع مزاراتنا الشريفة يشهد المزار الشريف إحياء شعائر الله من المحاضرات والمجالس الحسينيّة بصورة مستمرة، فضلاً عن إحياء مناسبات الائمة الأطهار عليهم السلام أجمعين، فضلاً عن جميع النشاطات الثقافيّة والقرآنيّة وعلى مدار السنة.
ويختتم الأمين الخاص حديثه بالقول: أما زيارته الخاصة فقد خصصت في يوم 13 جمادى الآخرة من كل عام حيث تتوافد عليه أعداد غفيرة من مختلف مناطق العراق، ويبلغ عدد الزوار نحو 2000 زائر، وأضعاف ذلك في الزيارات المليونيَّة، أما الزيارة العامة للسيد الجليل وعمه محمد بن القاسم (عليهما السلام) فهي مستمرة من دون انقطاع وتتركز يومي الخميس والجمعة من كل أسبوع، وزائرونا هم
من جميع دول العالم الاسلامي، ويتم تقديم مختلف الخدمات
من طعام لوجود مضيف في
المزار يقدم يوميَّاً وجبات الى الزائرين من بركات المزار والمتبرّعين.
وفي ختام جولتنا لمنطقة المرقد الشريف كانت جولة ممتعة خيَّمت عليها المشاعر الروحانيَّة الممزوجة بروايات من الماضي التي خلّدها التاريخ، آملين العودة للزيارة والتبرّك والاقتداء بمنهج آل البيت وذراريهم عليهم السلام.