عدَّّادٌ يأكل جرف أرباحهم

الباب المفتوح 2023/12/06
...

قاسم موزان



لا شك أن نصب المولدات الاهلية جاء كحلولٍ مؤقتة لإشكالية تخلف المنظومة الكهربائية في العراق، سواء كان في تقادمها أو الكثافة السكانية العالية، التي شهدتها بعض المدن الجاذبة 

للأيدي العاملة  أو تعرض المنظومة لأعمال إرهابية سابقا، إضف إلى ذلك الحمولات الزائدة على الشبكة،  ما أضطر المواطنون الاستعانة بالمولدات، على الرغم من الدخان المتطايرالملوث وتشابك أسلاكها العنكبوتية، التي تسببت في إحداث تماسات مميتة، لا سيما في الأحياء الشعبية أو الأسواق الكبيرة وإشعال الحرائق، التي خلفت  خسائرا جسيمة، وعانى المواطنون من دفع جباية فواتير التجهيز وسعر الأمبير الباهظ ، وتمادى البعض في سلوكه الشائن مع الأسر الفقيرة، التي تتأخر في الدفع، ولم تكن أمامها الا الصمت والصبر، ومع استمرار انقطاع التيار الكهربائي في عموم العراق، خصوصا في موسم الصيف اللاهب، أصبح المؤقت ثابتا في تفاصيل الحياة اليومية الموجعة، وكما يقول المثل الغربي “أكثر الأشياء دواما هو المؤقت”، وشهد العام الحالي استقرارا ملموسا في تجهيز الطاقة الكهربائية، وتنفس المواطنون الصعداء، وعندما أعلنت محافظة بغداد عن قرار نصب عدادات تقيس عدد الأمبيرات المصروفة، خلال شهر وفق معادلة منصفة للمواطن، ولاقى نظام نصب العدادات ترحيبا من المواطنين، إلا ان بعض متعهدي المولدات امتنعو أو تنمروا على قرار نظام العدادات، وهددوا وتوعدوا بايقاف تشغيل مولداتهم أو ترك العمل فيها نهائيا، ووصفوا القرار بالتعسفي أو الجائر بذرائع شتى، وحقيقة الأمر أن المردودات المالية، التي أصابوها خلال السنوات الماضية لا تقاس مع  مردودات نظام العدادات الجديد، الذي يأكل من جرف أرباحهم، لذا فقد تظاهروا، وأحدثوا جلبة صاخبة من أجل ثني المحافظة من قرارها، الذي أصبح ملزمًا لا رجعة فيه، وازاء تلك التصرفات من هؤلاء، وجّه المحافظ بتفتح باب التقديم على نصب مولدات حديثة، عوضا عن مشغلي المولدات الممانعين للتشغيل، أو الرافضين للقرار وفق النظام الجديد.

من دون أدنى ريب أن نصب العدادات في المولدات قرار صائب، جاء وفق رؤية وطنية لرفع الحيف عن كاهل المواطنين، الذين عانوا كثيرا جرّاء انقطاع التيار الكهربائي، وعدم استقرار المنظومة في أوقات كثيرة، وتحملوا على مضض في الوقت نفسه تصرفات متعهدي المولدات الأهلية، وتماديهم في الايذاء النفسي للأشخاص غير القادرين على دفع الأجور الشهرية.. نأمل التغيير.