بعد ازدياد حالات الانتحار لفئة الشباب في اكثر من محافظة عراقية ، لا بد من المسؤول ان يقف طويلا ليبحث عن الحلول وليس ليسأل لماذا؟ لأن السؤال سيبدو ساذجا وغريبا بعد غياب الحلول المنتظرة لسنوات طوال.
وتصدرت مدينة الناصرية حالات الانتحار وبعدها البصرة والمثنى وميسان. اعمار المنتحرين تتراوح ما بين 15 – 30 عاما وسجلت محافظة ذي قار (119) حالة خلال عامين وهو أعلى معدل في حالات الانتحار بين محافظات العراق، وتزداد النسبة للنساء عن الرجال. وحلت البصرة والمثنى وميسان بالتتابع بعد محافظة
ذي قار.
حالات الانتحار ليست محصورة بالعراق اذ انها ترتفع في اغلب البلدان العربية وتصل إلى 4 منتحرين في كل 100 ألف نسمة في العقد الأخير، وفقا لتقرير منظمة الصحة العالمية.
في مصر التي يبلغ تعداد سكانها 100 مليون كانت النسبة 1.7 وهي مساوية للعراق الذي لا تزيد نسبة سكانه عن 30 مليونا.
اسباب الانتحار كثيرة واهتمت منظمة الصحة العالمية بالعمل على الاهتمام بالصحة النفسية والعمل على خفض النسبة 10 بالمئة بحلول عام 2020.. وتراوحت طرق الانتحار بين الشنق والغرق واستخدام السلاح
الناري والحرق.
البطالة وغياب القوانين الضامنة لحقوق الانسان في العيش بكرامة وسط تسهيلات وتأمينات صحية واجتماعية وقانونية وتربوية وتعليمية .. الى اخر التوصيفات الانسانية التي يفترض تأمينها للمواطن الذي له حق التمتع بثروات بلاده ضمن اشتراطات الحقوق والواجبات التي قدم فيها المواطن ما يستوجب عليه وضاع عليه ما يفترض على الدولة
فعله له.
في كل دول العالم المتحضر يتم تأمين العمل بخطط مدروسة ومنظمة سواء في القطاع العام أو الخاص ولا يمكن لرب العمل استغلال العاملين عنده وفي الوقت نفسه يقدم العامل جهده المخلص دون تكاسل أو تسويف وكل هذا يجري ضمن مراقبة المؤسسة الرسمية للعلاقة بين الاثنين وفي الوقت نفسه تقدم البنوك الضمانات المالية اللازمة لتأمين السكن والعلاج الصحي وفق قروض يضمنها العمل المنظم ..
لم تقف الدول عاجزة عن مناقشة ملفات مجتمعاتها لأنها تؤمن ان المسؤولية تقع ضمن العلاقة التبادلية بين المواطن والمسؤول ، ولا يمكن للحكومات ان تأخذ امتيازاتها المالية والتشريفية دون ان تقدم لمواطنيها كل ما يضمن حياتهم ومستقبلهم وواقعهم الاجتماعي بجميع مستوياته، لكن واقع الحال يشير الى ان الشباب سواء اكملوا تعليمهم أو اوقفوه فلا فرص أمامهم في بلد بميزانية ضخمة تعادل ميزانيات 3 دول عربية ،وعليه ان يؤمن حياته ومتطلبات عائلته وهو لا يملك سكنا ولا عملا ولا
موردا ثابتا !
العصا السحرية غير موجودة ، والحلول غائبة، والمشكلة متشعبة والاهتمام نسبي واعلاني وليس واقعيا وتطبيقيا، والازمات التي دفعت الشباب للمخدرات والجريمة وتبني منهج سلبي ما زالت تراوح في امكنتها دون ان تجد تنظيما مدروسا يتوافق مع حجم الواقع المتخم بازمات متعددة دفعت شريحة الشباب ضريبتها وهي تنظر للمستقبل بعين لا ترى فيها الا الضباب واليأس من حلول
حقيقية.