قاسم موزان
تصوير نهاد العزاوي
برزت بشكل لافت في الأعوام الأخيرة ظاهرة لجوء الطلبة في مختلف المراحل الدراسية إلى التدريس الخصوصي، وفرضت اشتراطاتها، لعدة أسباب، أبرزها ضعف التدريس الحكومي في بعض المدارس، واكتظاظ الصفوف بأعداد الطلبة، ما يصعب على المعلم إيصال المعلومات لهم، وكثرة العطل في السنة، ما يؤخر إكمال المنهج المقرر، والطالب بات أكثر اتكالا على المدرس الخصوصي، وهو يدرك أن ذلك يرهق ميزانية الأسرة، بهذا الشان استطلعت صفحة الباب المفتوح آراء بعض التربويين.
وصفت الدكتورة مروج مظهر عباس الدروس الخصوصية بأنها ظاهرة اجتماعية تعليمية باتت مألوفة، لكثرة ما يتردد على مسامعنا مصطلح (المدرس الخصوصي) في عالم التعليم والأسرة، وهناك أسباب عدة يلجأ فيها الطالب إلى المدرس الخصوصي منها: عدم وجود الوقت الكافي للشرح والإجابة عن تساؤلات الطلاب واستفساراتهم، وذلك لضيق وقت الحصة الدراسية، وعدم وجود بنايات مدرسية ما أدى إلى انشطار البناية الواحدة إلى دوام ثلاث مدارس في اليوم الواحد احياناً، البعض من المعلمين والمدرسين لا يبذل الجهد الكافي في إيصال المعلومات إلى الطلاب في المدرسة، بينما نجد المعلم أو المدرس نفسه من يسعى بالاعتماد على الدروس الخصوصية، لانشغال الأهل في ظروف الحياة، وتوفير لقمة العيش، يقومون بإسناد أبنائهم إلى المدرس الخصوصي، للتخفيف من تأنيب الضمير بعدم التقصير معهم، وقد تكون رغبة الطالب في رفع مستواه التعليمي.
إعادة نظر
من جانبه قال التربوي علوان السلمان: إن التدريس الخصوصي جهد تعليمي مضاف، يحصل عليه الطالب سواء أكان انفراديا أم جماعيا، وقد انتشر بشكل واسع حتى اصبح ظاهرة، وربما أصبح واقع حال عند الطلبة وأولياء أمورهم، ولهذا اسبابه الموضوعية والذاتية، في مقدمتها اضطراب الثقة بين أولياء امور الطلبة والطلبة أنفسهم، بحكم تدني مستوياتهم العلمية. وأضاف السلمان التدريس الخصوصي والمدارس الاهلية التي اخذت تنافس المدارس الحكومية نتيجة توفر اختيار الاستاذ المميز بخبرته التعليمية، ولا ننسى البناية النموذجية، وقلة عدد الطلبة، ما أدى إلى تميز طلابها علميا.
وكشف ابداعاتهم وصقلها واكتساب المهارات، وفق برامج ستراتيجية تحرك الفكر، ليحلل ويعي قيمة ثقافة الحوار، ليسهم في بناء الذات والذات الجمعي الاخر وتعزيز الثقة بالنفس، وبذلك تتحقق الأهداف التربوية والسلوكية والمعرفية، ومع ذلك فسلبيات بعضها تطفو على السطح، كون بعض الاساتذة يسعى للكسب غير المشروع، الذي يمكن أن نسميه(رشوة مؤدبة)، وذلك من خلال تقديمهم درسا موجزا، يهتم بالجزئيات، متناسيا الأساسيات بشكل (اسقاط فرض)، ما يجر الطلاب وأولياء أمورهم للدرس الخصوصي، لذا نؤكد ضرورة إعادة النظر بمنظومة التعليم من جوانبه كافة وتشكلاته الأساسية “المعلم والمنهج والمدرسة”. مشيرا إلى أهمية انتهاج طرق متنوعة في التدريس والابتعاد عن الأسلوب التقليدي (طريقة المحاضرة)، الذي يتّبعه المدرس وحده في التدريس، دون مشاركة من قبل الطلبة، فيبقى الطالب في دور المتلقي للمعلومة لا مشاركا.
ليس حلًا سحريَّا
ضعف التدريس في المدارس الحكومية بسبب كثرة العطل من جهة، وقلة الوقت للدرس وكثرة أعداد الطلاب في الصف الواحد، مما يفقد الكثير منهم التركيز، الجانب الآخر ضعف المدرسين وقلة خبرتهم التدريسية، خاصة مع تطور المناهج، التي باتت صعبة على المدرسين والمدرسات، واكتظاظ الطلبة في الصف الواحد، وهذه الأسباب مجتمعة أدّت إلى الاستعانة بالمدرس الخصوصي، هذا ما ما قاله التربوي حسين الحمداني، مضيفا ان بعض الطلبة، لديهم الرغبة في الحصول على معدلات عالية في ضوء نتائح الامتحانات الوزارية في الأعوام الاخيرة، ولفت إلى أن الظاهرة في جانبها السلبي ترهق ميزانية الأسرة وصرف مبالغ طائلة، والنتيجة أن التدريس الخصوصي، ليس حلًّا سحريَّا، والضعف يبدا من الدراسة الابتدائية.
الاتكاليَّة المفرطة
من جانبه أعاد المدرس صباح محسن كاظم للأذهان بأن الأجيال السابقة اعتمدت على نفسها بالتحصيل العلمي، القراءة اليومية، المثابرة، حب العلم، الاندفاع نحو تحقيق التفوق بطموح كبير، لعدم وجود المغريات اليومية، من عقدين اختلف الأمر تماماً، حيث أصبح الطالب يتراخى بتأدية الواجبات، والاتكالية المفرطة على الدرس الخصوصي لضمان نجاحه عند الأستاذ، الذي يتقاضى أجراً لذلك أصبحت العملية ربحية تجارية قائمة بين طرفي لفائدة الطالب لنجاحه، والمدرس لكسبه المادي... ولعل التدريس الخصوصي فرصة لتحقيق المعدل المرموق الذي ينافسه بالقبول بأرقى الدراسات الطبية والهندسية.