التنمية في مواجهة المناخ

اقتصادية 2023/12/13
...

عبدالزهرة محمد الهنداوي

لم يعد الحديث عن خطورة التغيرات المناخية التي يشهدها كوكبنا، حديث ترف، وقضاء وقت للثرثرة في الصالونات والمنتديات، فالوضع بات خطيراً، ولم يعد في قوس الانتظار منزع، وقد أخذ العالم كله هذه التحديات على محمل عالٍ من الجدية، وبات يرسم الخطط والستراتيجيات الناجعة، استعداداً لحرب قد يطول أمدها، وتشتد وطأتها على الناس، وها هم قادة العالم ومفاوضوه والمعنيون بهذا الشأن، يتداعون بقضِّهم وقضيضهم إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث التأم عقدهم تحت مضلة، المؤتمر الدولي للمناخ (COP 28)، وكان العراق أحد البلدان المشاركة في المؤتمر بوفد كبير ورفيع.
واعتقد أن أهم ما خرج به المؤتمر من نتائج يمكن أن تساعد الدول ذات الإمكانات الضعيفة في مواجهة التغير المناخي، هو تبني تأسيس صندوق لمعالجة الخسائر والأضرار على نطاق واسع، وإيلاء البلدان الأكثر تأثراً بالتغيرات المناخية اهتماماً خاصاً، وقد بادرت ثلاث دول بتقديم الدعم المالي للصندوق ومنها دولة الإمارات المستضيفة للمؤتمر، وقد تبرعت بـ(100) مليون دولار، ومثلها فعلت ألمانيا بـ(100) مليون دولار أيضاً، والولايات المتحدة بأقل من (20)، مليون دولار، وهذا ما أُعلن عنه في اليوم الأول، ومن المؤكد أن دولاً أخرى ستحذو حذو الثلاث الأولى، حيث يطمح مؤسسو الصندوق إلى الوصول إلى (100) مليار دولار، من التمويل المناخي تمثل التزاماً عالمياً في دعم الجهود الهادفة لزيادة القدرة الانتاجية لمصادر الطاقة المتجددة ، ووضع الأساليب المناسبة للاستفادة من الحلول التكنولوجية المتاحة، وتسريع الاستثمارات في النظم الغذائية المتساوقة مع الظروف المناخية.
ووفقاً للمعطيات المتوفرة، فإن العراق يعد من بين الدول الخمس الأكثر تأثراً بالتغير المناخي، وبالتالي اعتقد أننا سنكون من المستفيدين من مخرجات صندوق معالجة الخسائر والأضرار الناجمة عن تلكم التغيرات، ولكن في المقابل على  العراق، أن يعطي التزامات مالية بنحو معين لهذا الصندوق، لكي يُلزم المعنيين بتوجيه الدعم له، كما أن ظروفنا المالية الراهنة جيدة إلى حد ما وبالتالي يمكننا المساهمة المالية في الصندوق، الذي يقوم أساساً على مساهمات البلدان في تمويله، وأرى أن خطوة دولة الإمارات في أن تكون أول المساهمين فيه، تمثل بداية جيدة، لتشجيع باقي دول المنطقة على التقدم نحو الصندوق بخطوات واثقة، مع الإشارة إلى أن الحديث بإيجابية عالية عن أهمية ودور الدعم الدولي عبر قناة هذا الصندوق، قد يصيبنا بالصدمة لاحقاً، فغالباً إن البلدان لا تلتزم بتعهداتها المالية في مثل هذه الفعاليات، لأسباب وظروف كثيرة، وشاهدُنا على ذلك، أن  الكثير من الدول تعهدت بالتزامات مالية مغرية للعراق  لإعادة الإعمار  خلال مؤتمر الكويت للدول المانحة في شباط 2018، ولكن لم يلتزم منها إلا القليل، وليس بكامل ما تعهدت به، وعلى هذا الأساس، فإن علينا أن نسير باتجاهين، الأول مشاركة المجتمع الدولي في معالجة تداعيات وأضرار المناخ، والثاني من خلال سياساتنا وخططنا وإجراءاتنا في ما يرتبط بوضعنا الداخي، من جهة استخدامات الطاقة النظيفة، والتوجه نحو التقانات الحديثة في الزراعة، ومعالجة مشكلات الغاز المصاحب، والاستفادة من الرياح والطاقة الشمسية المتاحة، وغير ذلك.