عامر جليل ابراهيم تصوير: إعلام الامانة العامة للمزارات الشيعية
عمدت زمر التكفير والإرهاب على نشر الأفكار الضلالية وبث سموم الفرقة بين أبناء الوطن الواحد، من خلال حرب واستهداف ممنهج للمراقد الدينية والاماكن المقدسة أثناء الأزمات التي عصفت بالعراق، خاصة أيام الاحتقان الطائفي. وإحدى صور الافكار الضلالية عندما فجرت زمر الإرهاب التكفيري مرقد المقداد السيوري بالكامل في العام 2006.
بعد تحرير المناطق المغتصبة واستقرار الأوضاع في ربوع عراقنا الحبيب تولت الأمانة العامة للمزارات الشيعية الشريفة إعادة اعمار المرقد الشريف بالكامل بطريقة حديثة وبطراز إسلامي يليق بصاحب المرقد الشريف.
(الصباح) زارت هذا المرقد والمزار الشريف ضمن سعيها التعريف بالأماكن السياحية الدينية في المدن العراقية المختلفة، والتقت السيد علي حميد التميمي الأمين الخاص للمرقد الشريف ليحدثنا قائلا:
يقع مرقد العالم الجليل المقداد بن عبدالله السيوري (الاسدي الحلي) في محافظة ديالى شمال شرق بغداد، وتحديدا في قضاء المقدادية 80كم عن العاصمة بغداد بالقرب من الطريق الرئيس الرابط بين بغداد وقضاء خانقين، مرورا بقضاء المقدادية.
المقداد
كان القضاء يسمى باسم (شهربان) سابقا، ولكن سمي بقضاء المقدادية نسبة لهذا العالم الجليل، حيث يقع في مدخل القضاء وفيه مقبرة كبيرة تعدُّ من أكبر المقابر على مستوى محافظة ديالى والمعروفة لدى عامة الناس باسم مقبرة (المقداد) المرقد والمقبرة يقصدهما الزائرون من مختلف مناطق ديالى وخارجها.
ويضيف السيد الامين الخاص للمرقد عن نسبه قائلا: هو المقداد بن عبدالله بن محمد بن الحسين بن محمد الاسدي شرف الدين ابو عبدالله السيوري الحلي المعروف بالفاضل المقداد احد اعيان الامامية، ولقب بالسيوري نسبة الى قرية سيور بضم السين إحدى قرى مدينة الحلة، كان متكلما متبحرا وفقيها كبيرا ذا معرفة بفنون شتى.
ويقول الامين الخاص: لم يعاصر المقداد احدا من المعصومين (سلام الله عليهم) وإنما حياته كانت اواخر القرن السابع الهجري، وولد في قرية سيور التابعة للحلَّة لأب عربي، وأم فارسية هي بنت ركن الدين محمد بن علي الجرجاني الغروي، وله ولد واحد اسمه عبدالله ولم تشر المصادر بالضبط الى تاريخ ولادته، وتوفى المقداد السيوري حسب الروايات في اليوم السادس والعشرين من جمادى الاخرة عام (826هجرية) وقيل عام (828هجرية)، في شهربان احد اقضية محافظة ديالى وسمي القضاء في ما بعد بقضاء المقدادية، ويقال إنه كان ذاهبا الى ايران لزيارة الامام الرضا عليه السلام وعند عودته اصيب بمرض وتوفي في هذه المنطقة.
اللوامع الإلهية
ويروي السيد الامين الخاص: أنشأ المقداد السيوري رضوان الله عليه مدرسة لطلاب العلوم الدينية في النجف الاشرف عرفت بـ "مدرسة المقداد السيوري" وبمرور الزمن تم تخريب تلك المدرسة وارتحل عنها ساكنوها وبقت مهجورة لعدة سنين، ثم أعاد تشييدها سليمان خان فنسبت اليه واشتهرت بعدها باسم " المدرسة السليمية " الى يومنا هذا وتقع اليوم في سوق المشراق إحدى اسواق النجف الاشرف.
وللسيوري مؤلفات كثيرة منها: كتاب اللوامع الإلهية في المسائل الكلامية، وكتاب إرشاد الطالبين في شرح نهج المسترشدين، وكنز العرفان في فقه القرآن، والتنقيح الرائع من المختصر النافع والنافع يوم الحشر في شرح الباب الحادي عشر شرح على كتاب الباب الحادي عشر لابن المطهَّر الحلي، ونهاية المأمول في شرح مبادئ الأصول، وشرح ألفية الشهيد، وكتاب الأربعون حديثاً
والأنوار الجلالية في شرح الفصول النصيرية، وشرح على كتاب الفصول النصيرية لنصير الدين الطوسي، ومنهاج السداد في
شرح الاعتقاد، وتجويد البراعة في شرح تجريد البلاغة، وكتاب آداب الحج، وتفسير مغمضات القرآن، وجامع الفوائد في تلخيص القواعد، وكتاب الأدعية الثلاثون وغيرها.
اعتداءات
ويكمل الامين الخاص حديثه: في بداية تسعينات القرن الماضي كان المرقد عبارة عن غرفة صغيرة بأبعاد ٤ ×٤ م فقط يتوسطها قبر العالم المقداد السيوري، وفي عام 1967 تبرع أحد الوجهاء في قضاء المقدادية ببناء مرقد يليق بالمقداد اسمه الحاج (علي جواد رجب المهداوي)، وبقي المرقد على هذه الحالة لغاية تفجيره من قبل الإرهاب التكفيري عام 2006 وبعد انضمامه الى الامانة العامة للمزارات الشيعية الشريفة بدأت حملة اعمار المزار.
وعن تفاصيل المزار حدثنا المهندس احمد التميمي مسؤول الشعبة الهندسية لمزارات ديالى قائلا: بعد تفجير المرقد من قبل الإرهاب اخذت الأمانة العامة للمزارات الشيعية الشريفة على عاتقها مسؤولية إعادة اعمار المرقد الشريف، تحديدا عام 2010 وبدأ العمل ببناء حرم المزار وعلى مساحة 250م٢ يتضمن غرفة القبر او الضريح ومصلى للرجال والنساء، بالإضافة إلى باحة الحرم وركائز القبة والطارمة الأمامية التي تستند الى ٤ أعمدة خرسانية مسلحة
ويحتوي المزار على قبتين (داخلية وخارجية) القبة الداخلية، تم بناؤها من الطابوق الفخاري الجيد والقبة الخارجية عبارة عن هيكل حديدي ومغلف من الواح من مادة (GRB)، المقاوم للظروف الجوية المختلفة، وتمَّ اكساؤها بالكاشي الكربلائي المنقوش بالآيات القرآنية، أما من الداخل فقد تم تغليف رقبة القبة بالكاشي الكربلائي المنقوش خطت عليه اسماء الائمة المعصومين سلام الله عليهم، أما واجهة المزار فقد تم تغليفها بالطابوق الجف قيم على ارتفاع ٤م ومن الأعلى بالآيات القرآنية المنقوشة والزخارف الإسلامية وارضية الطارمة، تم اكساؤها بالمرمر التركي الجيد واعمدة الطارمة. والمزار فيه حديقة على مساحة 2500م تم إنشاؤها من قبل الأمانة العامة للمزارات الشيعية الشريفة لاستقبال واستيعاب الزائرين وتوفير بيئة ملائمة ومناسبة لهم، هذه الحديقة مشجرة بالكامل بمختلف أنواع الأشجار الظلية والنجيل الطبيعي والزهور، لتكون واجهة جميلة للمزار الشريف.
محافل عباديَّة
واثناء وجودنا في المرقد الشريف التقينا السيد هيثم ناجي رشيد مسؤول الشعبة الدينية في المرقد الشريف الذي حدثنا قائلا: تهتم الشؤون الدينية باحياء المناسبات الدينية والفعاليات الاجتماعية وإقامة المحافل القرآنية داخل المزار الشريف، وكذلك ولادات ووفيات الائمة المعصومين سلام الله عليهم جميعا.
وعن اعداد الزائرين يقول: المزار فيه مقبرة كبيرة ويشهد اقبالًا للزائرين خاصة ايام العطل والاثنين والخميس من كل أسبوع وبعد زيارة موتاهم يتوجهون لزيارة صاحب القبر الشريف المقداد السيوري وايضا يزدحم الناس لزيارة المرقد الشريف في
الأعياد الدينية، وخاصة عيدي (الفطر/ الأضحى)، حيث يتراوح اعداد الزائرين سنويا حوالي مئة ألف زائر. ولدينا خطط مستقبلية لتوسعة حرم المزار من الجهة الجانبية اليمنى لكي يستوعب أكبر عدد من الزائرين وتقديم الخدمات المناسبة لهم.