تفاقمت ازمة السكن بعد ان كبر الاولاد واصبحوا ازواجاً ومنهم الذكور على وجه التحديد ، ما جعل العائلة الكبيرة تنشطر الى مجموعة عوائل ، وبعد التطور الاجتماعي ودخول المرأة الى الحياة العملية وحصولها على العمل في دوائر الدولة ومن ثم زواجها ، وهنا تبدأ المشاكل في التراكم، فهذه الزوجة الجديدة تريد الاستقلال في حياتها وهو من ابسط حقوقها ، فاذا كان بيت عائلة زوجها كبيرا وفيه ابناء ذكور واناث مع ام زوجها التي تتربص لحياتها وتحاسبها على كل صغيرة وكبيرة .
وتبدأ المتاعب وتتلبد الغيوم، فالحماة تطلب من زوجة ابنها حتى لو كانت موظفة ان تسهم في اعمال المنزل من غسل الصحون الى التنظيف واحيانا الطبخ .. وتشعر زوجة الابن انها محاصرة في حياتها وتبدأ المشكلة بين الزوجة الجديدة وعمتها .. وتتفنن كل واحدة منهما في الشكوى ما يجعل الزوج يعاني من التوفيق بين رغبات زوجته وامه .. ويتوصلون الى انهاء هذه المعاناة ببناء (مشتمل صغير) للعائلة الجديدة ويتم استقطاع مئة متر من بيت الزوج ليكون عشا هانئا له ولزوجته .. اما اللجوء الى استئجار بيت صغير والخروج من هذه الدوامة فان ميزانية الزوج لا تتحمل غلاء الايجارات المرتفع وهي لا ترتضي السكن في شقة لانها قد تعودت في بيت اهلها العيش في مساحة كبيرة من (فلة فارهة ).
و قد قبلت على مضض اختصار كل متطلبات غرفة النوم من ستائر وافرشة وطاقم الغرفة المتواضع بسبب معرفتها بان زوجها رغم حبه لها ليست لديه عصا سحرية ليلبي كل متطلباتها وانه قد اعلمها مسبقا وبالتفصيل عن مقدرته المالية، لذا تجد ان من الافضل لها ولزوجها تدبير بناء بيت صغير يجعلها في مأمن من تطفل ام زوجها ومحاسبتها الشديدة ، وبعد اقتطاع مساحة صغيرة من البيت الكبير وقد تكون نصف الحديقة الخاصة بالبيت وهنا تبرز مشكلة اخرى وهي ان والد زوجها يرفض هذا المقترح وتخريب مساحة الحديقة في بيته، اذ افنى سنوات من عمره بعد احالته على التقاعد في رعاية زهورها وتنسيقها ويجد من الصعوبة ان يتم اقتطاع جزء من حديقته الغالية ويبقى حزينا ويسمع الزوجة اللوم والتقريع لانها السبب في اصابة حديقته بالانشطار، وتقول الزوجة ان من حقها السكن المستقل حتى لو كانت قريبة من اهل زوجها ، ويعيش الزوجان مشكلة اخرى وهي تدبير متطلبات بناء البيت الجديد ، مع العلم ان راتبها مع راتب زوجها لا يسد اقساط الديون التي ستتراكم عليهما ، ولكنهما في النهاية يخوضان التجربة ويبدأ راتباهما في التسديد ربما لسنوات .. لكن التجربة على مرارتها ستنقلهما الى حياة جديدة من الاستقرار والسعادة، وتؤكد الزوجة ان هذا السيناريو الثقيل قد مرت به الكثيرات من قبلها ، وقد اوجدت مشكلة ازمة السكن تكاثر البيوتات الصغيرة الى جانب اختفاء الحدائق التي كانت تضفي على الشارع رونقا خاصا، كما انها تحسن بيئة المنطقة ومناخها لان اكتظاظ البيوت وتلاصقها يولدان الشعور بالضيق .