عواطف مدلول
وقوفها بشجاعة في الشارع على سلم تحمل معها فرشاة الوانها، فتحول بلمساتها الانثوية صمت الجماد الى حكاية ناطقة بالرموز والعبارات، كثيرا ما ينجذب الناس لها وبشكل دائم فيبدؤون باطلاق كلمات المدح والثناء على كل انواع الجمال الذي تصنعه بلوحة على ابواب المحال او الجدران. سمر احمد ابراهيم الشربيني الحاصلة على ماجستير الفنون الجميلة فنانة تشكيلية مبتدئة، تجيد الرسم الحر وتعشق الرسم على الاكواب وغيرها من الفنون مثل الهاند ميد، الى جانب انها تعمل باجور في اتمام لوحة ما على ابواب المحال والجدران.
ومع انه من النادر ان تقوم بنت بهذا العمل وكثير منهن يرفضن الوقوف بالشارع من اجل الرسم، ربما قد يسبب لهن ذلك الامر احراجا وتحسسا من نظرة المجتمع لهن، بينما سمر تقبلت الموضوع لان لديها ولعاً فيه ولم يخلق لها هذ الشيء اي مشاكل، خاصة انها غالبا ماتكون بحالة تركيز وشغف ولا تنظر لمن حولها، وبالعكس كثير منهم يقف لتقديم الدعم النفسي والمعنوي لها، ويفصح عن مشاعر الاعجاب التي يعبر بها عند رؤيته
لابداعها.
حيث تؤكد ان معظم افكارتلك الرسومات يجلبها الزبون لها ووفق طلبه تنجزها، مع القيام ببعض التعديلات اذا كانت تحتاج ادخال عليها شيء من التفاصيل او الحذف، بالاضافة الى ذلك فهي لديها عمل خاص بها عبارة عن شركة صغيرة تهتم بتهيئة الديكورات في كافة المناسبات الخطوبة والافراح واعياد الميلاد، ومن ناحية اخرى فهي تعد بمحل اخر الكيك والحلويات بشكل عام لاسيما بعجينة السكر.
تقول سمر: منذ الصغر كنت احب الرسم ووالدتي شجعتني على ان استمر به لاني ورثت تلك الموهبة منها، وحاليا صرت امارسها كعمل وهواية ايضا رغم ان مردودها المادي ضئيل نوعا ما
لاسيما بمنطقة المنصورة، فليس هناك طلب عليها لانها نادرة لكن بالاحياء والمدن الارقى والقاهرة مرغوبة جدا، بالذات في الاماكن السياحية والجامعات حيث تفضل الرسومات الحضارية والتراثية من عبق التاريخ المصري، الحافل بكثير من القصص والعبر والشخصيات المعروفة. تطمح الشربيني تؤسس شركة خاصة بها لان غلاء الاسعار بمصر وبالمنصورة بالذات جعل الطلب عليها محدودا، خصوصا وان وان معظم الخامات التي تستعملها بالعمل هذا اصبحت مرتفعة الثمن، واضحى الناس جراء الوضع الاقتصادي المتردي يفكرون بشراء الاحتياجات الضرورية التي تشكل اساسا في حياتهم الاكل والملبس وغيرها، وينظرون للرسم كشي كمالي لا يعطوه كثير من الاهتمام.
مبينة بالرغم من ذلك فان ردود فعل الناس لغاية الان جيدة تجاه ما تقدم، حيث تسترعي انتباههم التصاميم والالوان والانسجام بينها ولم تحصل على اي تعليق سلبي، لذا يثنون على شغلها عندما يمرون بالطريق بالقرب من اي مكان تنجز فيه لوحة. وبالنسبة لعمل البنت المصرية فبراييها انها تعيش حالة كفاح ينبغي ان يشار اليها بفخر، فقد بات من الصعب ان تلتزم الفتاة بوظيفة وتمارس عمل خاص بها لان لديها واجبات بالبيت تمنحها الاولوية، ثم ياتي العمل بالمرتبة الثانية، ولكونه مصدر دخلها ينبغي ان تراعي ان تقدم فيه ما يضمن بقائها ويمنع التخلي عنها بسهولة، لان فرص العمل معدومة والبنات صاروا يعتمدون على انفسهم في بناء مستقبلهم.
سمر تبلغ من العمر حاليا 25 سنة، بدات بهذا المجال منذ عشر سنوات في مرحلة الاعدادية، لكن محاولاتها لم تكن جادة فيه الا بعد التخرج، لعدم معرفتها الطريقة التي يفترض ان تنطلق منها، ثم جاءت خطواتها بطيئة وبعد ان تكررت مشاهدة الناس لها حصلت على سمعة بارزة، جعلتها من ضمن الذين يعتمد عليهم لو كانت هناك طلبات من هذا النوع من الرسم.
شاركت سمر بمسابقات الابداع التي اقامتها الكلية خلال فترة الدراسة وحصدت جوائز عنها، وعلى اثرها سعت للاطلاع على كل معلومة جديدة وتابعت اساتذة ومتخصصين وكل ماهو حديث، لانها تجد ان الرسم يتطور من فترة لاخرى ويجب عليها مواكبة مايجري بخصوصه في العالم.