عباس رضا الموسوي
تصوير: خضير العتابي
كعادتهم، فان الجشعين من التجار يجدون في المناسبات الدينية أو الوطنية فرصة لرفع اسعار المواد الغذائية، حيث يزاد الطلب من قبل المستهلكين، مقابل قلة السلع التي يتم عرضها وهي قاعدة باتت المتحكم بها هم اصحاب النفوذ في عالم التجارة والمال، لذلك نجد في حلول أي من مناسباتنا العزيزة ارتفاعا بأسعار المواد الغذائية والملابس وغيرها، خصوصا في عاشوراء ورمضان والأعياد وبداية العام الدراسي الجديد، مما يضع المواطن في حرج امام سد احتياجات اسرته، لا سيما الفقراء وأصحاب الدخل المحدود.
غياب الرقابة
إن لغياب الرقابة على السوق المحلية أثره البالغ في ارتفاع الأسعار، واختفاء بعض السلع وعرض مواد غذائية غير صالحة للاستهلاك البشري وغيرها من مشكلات، ربما تهدد حياة المستهلكين وتؤثر في وضعهم المادي.
وتقول الناشطة في مجال التنمية مريم العوادي: إن الدور الرقابي يفترض أن يأخذ حيزه دون مطالبة من قبل المواطنين، كونه أحد الواجبات الحكومية ولكن، وللأسف الشديد نجد أسعار السلع في السوق المحلية ترتفع مع بداية كل مناسبة، وخصوصا في شهر رمضان من كل عام، مشيرة إلى تضرر أصحاب الدخل المحدود بشكل مباشر، نتيجة هذا الارتفاع، وبعضهم يعيش في حيرة بين ارتفاع الأسعار واحتياجات الأسرة، داعية إلى، ضرورة تطبيق النظام الرقابي بالشكل، الذي يتناسب مع التلاعب في الأسعار، ومثال ذلك ما جرى قبل فترة قصيرة عندما ارتفعت اسعار اللحوم من مصدرها، فيما لجان الرقابة راحوا يحاسبون القصابين الذين لا حل لديهم، كونهم يشترون الأغنام والأبقار بأسعار مرتفعة.
وأضافت العوادي: إن الشريحة الاجتماعية الأكبر في العراق هم اصحاب الدخل المحدود، والذين يتحملون إعالة أسر كبيرة، لذلك فإن ارتفاع اسعار السلع يوثر سلبا في مستواهم المعيشي.
الأسعار ومعنويات الصائم
لقد لاحظنا في حياتنا اليومية ما تعنيه عدم قدرة رب الأسرة على توفير الاحتياجات الضرورية، التي يحتاجها افراد اسرته، وكيف يضعه هذا في حالة مزاجية سيئة، فكيف إذا كانت هذه الحالة في شهر رمضان المبارك، حيث يكون رب الأسرة في حالة صيام؟ ويقول الباحث النفسي علي كامل: إن "الصائم يحتاج إلى توفر المناخات المناسبة، التي تسهل عليه عملية الصيام، كون مزاجه ينتقل من حالة إلى أخرى، وبالخصوص المدخنون والذين يتناولون وجبات طعام كبيرة، والذين يعملون لساعات طويلة وغيرهم. مضيفا: إن ارتفاع أسعار المواد الغذائية في شهر رمضان الفضيل، يجعل من أصحاب الأسر الكبيرة، والذين يعانون من شح مالي في حالة نفسية سيئة، قد تصل حد الإفطار أو الانزعاج بشكل ملحوظ، وهذه الظاهرة لا توثر في رب الأسرة وحده، بل يدفع ثمنها بقية أفراد الأسرة، مطالبا بضرورة تشديد الدور الرقابي على الاسواق المحلية، وتكثيف الجهود الرامية إلى توازن أسعار السلع الغذائية، واتخاذ الإجراءات اللازمة بحق التجار الجشعين.
اللجوء إلى المساعدات
ولأن الحاجة تفرض على البعض اللجوء إلى طلب المساعدة، فإنَّ الكثيرَ من الأسر الفقيرة وذات الدخل المحدود، تضطر في شهر رمضان الكريم إلى اللجوء لطلب المساعدة أو تقبلها على مضض، لذا يقول المواطن موفق الصافي: إن العديد من الأسر ذات المكانة الاجتماعية، تضطر إلى قبول المساعدات الغذائية في شهر رمضان المبارك، بسبب عدم توفر الامكانيات المادية للشراء بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية، بل إن بعض الأسر المعروفة، تطلب منا أن ياخذوا المساعدة في الخفاء بعيدا عن أنظار الناس، مشيرا إلى أن أهم المواد الغذائية، التي يحتاجها الإنسان في شهر رمضان المبارك، والمتمثلة بالرز والعدس والشاي والسكر إلى جانب مواد غذائية أخرى، داعيا إلى ضرورة الالتزام بنظام الأسعار في السوق المحلية، وعدم استغلال إقدام المستهلكين على شراء السلع الغذائية، وأن يفعّل التاجر ضميره، قبل أن تفعّل الحكومة الرقابة عليه، مثنيا على ما تقوم به العديد من المؤسسات والجهات الانسانية من توزيع المساعدات الغذائية على المواطنين المعوزين، خصوصا في شهر الصيام المبارك.
انكسار رب الأسرة
من الطبيعي أن يعيش رب الأسرة أوضاعا نفسية صعبة، نتيجة الضغط الهائل، حيث متاعب العمل وكثرة الطلبات وقلة المال وارتفاع اسعار السلع، وغيرها من مشكلات تقول عنها مدربة التنمية سميرة الطويل: الذي لابد من تسليط الضوء عليه في مشكلة ارتفاع الأسعار هو ما يعيشه رب الأسرة من انكسار عندما لا يستطيع شراء احتياجات افراد عائلته من الطعام في شهر رمضان المبارك، خصوصا أنه يعيش في بلد الخيرات، مشيرة إلى أن الرقابة الحكومية لا تحتاج إلى دعوات من المواطنين، لأنها من المفترض أن تكون متواجدة وبقوة، لأن المحافظة على الأسعار مسؤوليتها، ولفتت الطويل إلى وجود العديد من الأسر تعاني من ضنك العيش في محافظة الديوانية الواقعة رسميا تحت خط الفقر، وأن ارتفاع أسعار المواد الغذائية يعرضها إلى مشكلات صحية ونفسية خطيرة، لذلك يتوجب على الجهات المعنية اتخاذ الاجراءات القانونية اللازمة لمنع تفاقم الوضع الاقتصادي.