ادارة المستشفيات الحكومية .. والعهد العثماني!

آراء 2024/03/20
...

  عبدالأمير المجر

الذين  يراجعون المستشفيات الحكومية بإستمرار، لاسيما ممن يدخلون الأجنحة الخاصة، يدركون حجم المعاناة التي تحصل لذوي المريض اكثر من غيرهم، لكن المفترض ان يشعر المسؤولين بهذه المعاناة قبلهم ويجنبوهم اياها .. والحكاية باختصار شديد، ان يوم خروج المريض يكون بمثابة جلد لمرافقه، والسبب هو ان النظام الورقي القديم مازال فاعلا وبقوة هناك، وكإن الحياة من حول المستشفيات هذه متوقفة، لاسيما بعد ان شهد العراق تحولات في النظام المصرفي وآلية الدفع الالكتروني للرواتب وغيرها.
فحين الخروج يتوجب على ذوي المريض ان يأخذوا الملف (الطبلة) الى الصيدلية الداخلية لتسجل حجم الادوية المصروفة ومن ثم للممرضات ليكتبن ما يعنيهن ايضا، ثم الى المطبخ ليكتب عدد وجبات الطعام المصروفة، ومن ثم تذهب الى الحسابات لتنتظر دورك لحين اكمال تصفية الحساب قبل دفعه الى التدقيق، وكل هذا يحصل بوجود مصاعد متهالكة وتتأخر كثيرا، لاسيما في مدينة الطب التي يجب ان تكون الاولى في العراق، كونها الاولى فعلا.
السؤال الذي يطرح نفسه هو ما الذي يمنع من ان تكون هناك ادارة الكترونية، وهي لاتحتاج الى جهد كبير واموال كثيرة، اذ يسجل اسم المريض ووقت دخوله والجناح الذي دخله والردهة، وان يكون في كل قسم حاسبة تدون فيها هذه المعلومات وترسل للحاسبة المركزية في المستشفى التي تتصل بالحسابات وغيرها، وان كل جهة تدون خدماتها للمريض بشكل مباشر، وفي حال خروجه تطلب المعلومات فتأتي من جميع الجهات بشكل مباشر وسريع للحسابات لتراجع وتدقق وتسحب قائمة الحساب وتسلم للمعني، بدلا من صعود ونزول المرافق والوقت والجهد المبذول، بالإضافة الى ما توفره هذه الخدمة من دقة وسرعة في انجاز معاملة الخروج التي باتت تشكل هاجسا لمن لديهم مرضى يدخلون المستشفيات باستمرار.
ان الحديث عن الحكومة الالكترونية وعمل الدولة على هذا المشروع، كما نسمع، يجب ان يبدأ من الدوائر الحكومية التي عليها ان تمهد لذلك، وان ما يعرف بصحة الصدور للكتب والأوامر الادارية التي سرقت ومازالت تسرق الكثير من وقت العراقيين وجهدهم ومالهم، يجب ان تنتهي بهذه الطريقة الحديثة والمريحة والأمينة ايضا، بدلا من البقاء على اسلوب دوائر العهد العثماني التي مازالت الكثير من دوائر دولتنا تعتمدها، ومنها للاسف دوائر ثقافية، صرفت عليها اموال كثيرة لكنها اهدرت بسبب الفساد وعدم وجود ارادة لتطوير ادارة تلك المؤسسات التي لو تم الاشتغال على تطويرها فعلا ومنذ نحو عقدين بوجود الوفرة المالية والكفاءات الشابة التي يزدحم بها العراق، لكنّا الان في واقع اداري مختلف تماما.
نحن نأمل من الجهات المعنية ان تضع حدا لمعاناة الناس في مثل هذه الأمور، وان معالجة هذا الخلل، وقد اصبح خللا حقا، ليست صعبة ، مثلما ان وجود المصاعد الحديثة في المستشفيات والدوائر التي مضى على بنائها عقودا من الزمن بات ضرورة، وان الذي يقف وسط جموع الناس بانتظار المصعد الذي يمثل مجيئه بمثابة جائزة للمنتظرين الذين جلّهم من كبار السن والمتعبين جسديا، يعرف قيمة وجود مصاعد حديثة ومريحة .. ويدرك اكثر من غيره حجم الراحة التي توفرها له الخدمة الالكترونية في الأمور التي اشرنا اليها.