التوافق.. هويَّة النظام السياسي

آراء 2024/03/25
...

 غازي فيصل 

مرت مراحل إعادة بناء الدولة العراقية بتجارب صعبة، ابرزها كان نظام المحاصصة، الذي أصبح هوية العملية السياسية في العراق التي كان معولاً عليها في بناء الوطن بما يتطلع اليه العراقيون كدولة ديمقراطية، 

لقد اضعفت المحاصصة السياسية قانون الدولة، وتمددت في إضعاف مؤسساتها، فكثير من الوزارات والمؤسسات تقع حالياً تحت سلطة الأحزاب السياسية

 ونظام المحاصصة الذي اخترعه الاحتلال بعد احتلاله العراق عام 2003 في حقبة الحاكم المدني بول بريمر، والتي دامت أكثر من عام سلسلة من التحولات مصيرية تركت آثارها على حاضر البلاد ومستقبلها، وما زال ساري المفعول في الحياة السياسية، غير أن المحاصصة أفسدت حياة العراقيين وحولتها إلى نظام حامٍ للمفسدين والسراق ومبددي المال العام.

والراعي الأمريكي الذي فرض نظام التحاصص والمكونات الذي قاد إلى تشظية البيت العراقي الموحد، وأحدث شرخاً كبيراً كرّسه من خلال مجلس الحكم تم توزيعه إلى مكونات مذهبية وقومية واثنية، الحكم التحاصصي أنتج دوامة الفساد التي تغرق فيها البلاد وسط الهدر المستمر لثرواته المليادرية بنتيجة عائدات النفط، التي تحققت بعد رفع الحصار عليه كنتيجة من نتائج إسقاط النظام السابق، لا سيما أن قرار التصرف بالعائدات والميزانيات بيد السياسيين المتنفذين في السلطة نظام المحاصصة، ويعتبر هذا نظام خرقا دستوريا، ولّد منه ما أسماه بمقبرة للكفاءات، بسبب تقديم غير الأكفاء.

وفي حين أن المادة 14 من الدستور العراقي لعام 2005 نصت على المساواة بين العراقيين دون التمييز لدين أو مذهب أو عرق أو قومية.

وكما أن المحاصصة فرضت على العراق وأساءت له، كما أنها تطبيق مشوه للديمقراطية والاستحقاق الانتخابي الذي يجب أن يكون عبر صناديق 

الاقتراع. 

حيث اعتمدته الأحزاب والكتل السياسية الماسكة بزمام السلطة منذ عام 2003 على نظام المحاصصة، وجدت فيه مبرراً في الاستحواذ على مناصب قيادية والمواقع المهمة في السلطة التنفيذية والهيئات المستقلة نزولاً إلى الدرجات الأدنى في الوظائف المدنية بحجة أنها الكتل السياسية المتنفذة، تمثل (المكونات) المنخرطة في العملية السياسية، مبتعدة تقديم الأفضل والأنزه من الشخصيات للمناصب في جميع مفاصل الدولة، مما ادى أضعاف أداء مؤسسات الدولة، كونها ابتعدت عن المعايير الوطنية والمهنية واعتماد الطائفية المذهبية والأثنية يمثل ضربة قاتلة لهدف وحدة الوطن ومنفذا للفساد وهو ما يحصل في واقعنا الحالي، في إسناد الوظائف المهمة بالدولة إلى غير مستحقيها، النظام السياسي العراقي الذي أنتجته المحاصصة السياسية التي باتت عرفاً لا يستند إلى دستور أو قانون، وتطــور دور المحاصصة إلى المشــاركة فــي كل تفاصيل العمليــة السياســية، فقــد قامــت الأحزاب المسيطرة المنتفعة من المحاصصة، باستثناءات خاصة لها، أصبحت تشكل تهديـداً للهويــة الوطنية، وتقدم مصلحة الهويات الفرعية وتحالفــاتها العصبيــة أو الطائفيــة أو القومية على المصلحة العامة، هناك أسئلة. 

هل وصل إلى نهاية الطريق الحتمي؟، وهل أوصل السياسيون العراقيون الدولة بعد 20 عاماً من حكم الطوائف التي تصفها منظمات الشفافية الدولية بالفاشلة إلى مفترق الطريق بين بقاء الدولة موحدة أو الانزلاق نحو هاوية 

التمزق.