د.إسماعيل موسى حميدي
ماذا لو أن مؤسسة غير ربحية الكترونية شبيهة بـ”ويكليكس” استطاعت الحصول على بيانات الاتصال لكل الأشخاص في العالم، وهي بصدد إجراء مكاشفة علنية لكل شخص باستعراض بياناته في وسائل التواصل عبر حساباته الحالية والمحذوفة حتى وان كانت وهمية، أي إظهار كل محادثاته وصوره السابقة وكل مقاطع التواصل التي تعامل بها واظهارها بـ”ملف خاص به” وعرضها للعلن، وارسالها إلى الاخرين من اصدقائه واقاربه واهله للاطلاع على كل تفاصيلها بالصوت والصورة.
(هذا الطرح افتراضي طبعا ولا صحة له)، ولكن علميا بالامكان إجراؤه، لأن هذه البيانات محفوظة في تلك الشركات والدليل، محليا يمكن استرجاعها متى ما شئنا لدواعٍ أمنية، فكيفما إذا كانت بإمكانات عالمية.
ولنفترض قد حصل هذا الأمر، عندها ماهو مستوى الإحراج، الذي سيكون فيه الناس لو اطلع الآخرون على كل كلام تحدثوا به أو صورة ارسلوها أو شتيمة قالوها في هذا العالم الرقمي الفض.
حتما ليست هناك مستوعبات للهرب سوى اللجوء إلى الله ودعوته للستر.
ولو رحّلنا هذا الافتراض من ضمن العالم المادي إلى العالم الغيبي، حتما هنا هو ليس افتراضا إنما حقيقة قال قائلها، بان الافعال حتى بالنوايا محفوظة عند “مليك مقتدر “كل نفس بما كسبت رهينة”المدثر 38
هنا سيطرق أذهاننا سؤال فلسفي آخر،وهو لماذا نتوجس مكاشفات العالم المادي أكثر من العالم الغيبي، بالطبع الاجابة تكون فردية في بعض الاحيان، ولكن جميعا تتفق ان الامر عندما يكون متعلقا بيد الله سبحانه وتعالى فان النفس تدخل في فضاء الاطمئنان، لأن الله عدل وساتر للعيوب والنفس تلجأ إلى خالقها في الشدائد طلبا للعفو فتدخل ضمن مجال الستر الالهي فهو ستار ويدعو للستر.
هنا نتوقف عند مفهوم “الذوق الالهي”،فمعصية يرتكبها الانسان يعصي بها الرب، والرب يدعو إلى ستر هذا الانسان خوفا على مكانته وسط ناسه وافراد فصيلته التي تأويه.
تناقل الأخبار السيئة بصفة الاستمتاع يؤدي حتما إلى نوازع اجتماعية سلبية كثيرة، تقتل الشخص وهو حي في بعض الاحيان، فماذا لو أن شخصا روجنا لسوءته، وقد أفاض الله عليه بالتوبة، وتقبلها منه وجب عنه ما قبل ذلك، ماذا عن صورته الاجتماعية التي ساهمنا مع الشيطان بتقطيعها ونثرها في كل زوايا المجتمع.
يحكى أن نبي الله موسى عليه السلام سأل ربه عن تأخر نزول المطر بعد انقطاعه، رغم الدعاء المتكرر من قومه، فرد عليه ربه: نزل المطر بسبب توبه أحد الأشخاص العاصين وهو بين الداعين، فسأل موسى ربه مستعلما عن هذا العبد، فقال له ربه: “يعصيني أربعين سنة واستره أيوم يتوب إلي
أفضحه “.