سرور العلي
تبتسم سارة غسان للكاميرا الأمامية في تطبيق “السناب شات”، لتلتقط صورةٍ لها، ثم تقوم بعرضها ضمن خاصية القصص اليومية في “الانستغرام”، لتنهال عليها كلمات الاعجاب المغلفة بالغزل، والانبهار بجمالها الفاتن، ومع أنها تبدو في الحقيقة بملامح طبيعية، لكنها اعتادت على تفضيل خاصية “الفلاتر”، التي شاعت في الفترة الأخيرة، نتيجة لتطور تطبيقات التواصل الاجتماعي، والابتعاد عن الكاميرا العادية، وتعزو الشابة ذلك لعدة أسباب منها أن معظم فتيات اليوم تقوم بذلك، إضافة إلى أن متابعيها في تلك الوسائل اعتادوا على هيئتها بهذه الخاصية.
وتوافقها الرأي الطالبة الجامعية زهراء محمد، إذ ترى بأن الفلاتر التي انتجتها التكنولوجيا، ساهمت بجعل بشرتها أكثر صفاء وحيوية أثناء التقاط الصور، ومن دون بثور وهالات، أو ارهاق وتعب، واكسبتها الثقة بالنفس، فلا أحد يجرأ بالتنمر عليها حين تقوم بعرض صورها، في حسابها الشخصي على الفيس بوك.
ولفت الموظف أحمد علاء إلى أن يوماً بعد يوم نلاحظ اختفاء الجمال الطبيعي والملامح المعتاد عليها، كما كان سائداً في السنوات السابقة، وبدلاً من ذلك أصبحنا نشاهد وجوها متشابهة مليئة بالفوتوشوب والفلاتر، وبملامح تبدو أحياناً مشوهة، ولا تناسب أعمار الكثيرات منهن، وعلى عكس الفتيات فأن الشباب لا يستخدمون تلك التقنيات والسناب شات في التقاط الصور لوجوههم الا ماندر، بل أن غالبيتهم يسخرون منها.
وأكدت زميلته الموظفة شيماء حسين أن هناك شابات يقمن بعمليات التجميل، ليصبحن بشكل مطابق لهذه الفلاتر، من خلال اللجوء لشد الوجه، وحقن الشفاه وتوريدها، وتصفية
البشرة.
في حين تتقبل الطالبة في مرحلة الثانوية عذراء فؤاد مظهرها وملامحها، من دون أي إضافات أو تعديل، ولا ترغب مستقبلاً باستخدام هذه الفلاتر، وتفضل الظهور بشكلها الطبيعي، فهي برأيها أن الثقة بالنفس وتقبل اشكالنا كما هي، ذلك يعد أساس الجمال الحقيقي الذي يفقده كثيرون، كما أن البعض لا يستطيع تجميل داخله أو الشعور بالثقة، برغم من استخدامه المفرط لهذه الفلاتر، وسيبدو كأنه يرتدي قناعا مؤقت.
ا. د. ناز بدر خان السندي، أستاذة العلوم النفسية والتربوية في جامعة بغداد أوضحت:”في الحقيقة نحن لا نقول أن هناك غياباً للجمال الحقيقي، وأنما الجمال موجود، واعتقد أن كل انثى جميلة بما تحمله من صفات انثوية، وبمقاييسها هي، فالأمر يتعلق بفقدان الثقة بالنفس، فباتت تلك مشكلة مع الفتيات منذ ولادتهن وبتربيتهن، وعدم تحملهن للمسؤولية، وعدم وضع الأسرة الثقة بهن، وهو أحد الاسباب ولا يؤثر ذلك فقط على شخصيتها وكيانها، والناحية النفسية والسايكولوجية، بل يؤثر أيضاً على علاقتها بملامحها ومظهرها، لذلك السبب حين ظهرت “الفلاتر”، في التطبيقات التكنولوجية لجأت معظم الشابات إلى استخدامها، وتسبب أحياناً بعض المشكلات، فعندما يتعرف الشاب من خلال الإنترنت على شابة، سيشاهدها بالفلاتر، وسيصدم بالحقيقة، ما يسبب لها بمشكلة كبيرة جداً، وسترى عدم تقبله لملامحها، وستصاب بأزمة نفسية».
وأشارت إلى أنه “يمكننا معالجة الموضوع بالرغم من كون تلك “الفلاتر”، أصبحت كالموضة الرائجة، ولا تشكل ظاهرة خطيرة على المجتمع، ومع ذلك علينا أن نبدأ بتوعية وتثقيف الأسر، بأن تمنح الثقة لبناتهن منذ الصغر، وعدم تقييدهن ومنعهن من الخروج، وارتداء ما يرغبن به، من ثياب، بل من الأفضل جعلهن يدركن الصح والخطأ بأنفسهن، وتعلم التصرف خارج المنزل بشكل صحيح، وبناء اساس سليم لهن، لذلك التوجيه ينبغي أن يكون للأهالي بالتربية الجيدة للفتيات، لكي لا يلجأن في المستقبل لتحويل هيئتهن إلى أشكال وشخصيات أخرى، كما من الضروري توجيه الفتيات والتوضيح لهن أن الجمال الطبيعي والحقيقي هو الأهم دائماً بعيداً عن التزييف، ويمكننا التحدث معهن لتقبل اشكالهن، وأن مقومات الأنوثة هي الجمال
الحقيقي.