رعد كريم عزيز
تنتقل الجينات الوراثية بين الأجيال وتحدث الطفرات الوراثية، وتتغير ألوان العيون أو طول وقصر الانسان وهذه نتيجة طبيعية، فهمها الانسان واستطاع تتبعها علميا، لتتبين له تفاصيل تطور الحياة بما يتعلق بشكل الانسان وتكوينه الفسلجي. ولكن توارث العادات يحتاج إلى وقفة جادة لأنها لا تخضع لمقياس واضح ولا تستطيع اية ضوابط ان توثق لها قانونا يحكمها، ولكي نكون أوضح ونقترب من مقصدنا، فنقول إن عادة الرشوة أصبحت متوارثة وبدون أي اعتراض اجتماعي، ونسهم كلنا في اذكاء نارها المستعرة وتحت مسميات مختلفة، فتارة نسميها (هدية) وتارة نسميها (اتعاب) ومرة نطلق عليها صفة (هذا غدائك ) مع أنها تبلغ الملايين في بعض الأحيان. ولم يسلم أي مفصل وظيفي العراق من هذه الافة، لأننا نطلع في كل مرة وحسب ما تنشره هيئة النزاهة، التربية والصحة والأمن والسجون والعقارات..ووووو وتنسحب اثارها على الحياة المعاشة بأكملها، والادهى من ذلك ففي بيانات النزاهة استدعاء واتهامات للموظف السابق في الدائرة الفلانية والأسبق منه كذلك، أي ان الفساد المالي والرشى تنتقل من موظف إلى آخر بطريقة طبيعية دون وازع أخلاقي أو اعتراض أو احتجاج، فالكل هنا داخل في خانة النسيان والتجاهل للمخاطر الاقتصادية والأخلاقية التي مزقت النسيج الاجتماعي، ومن المعروف أن ما يتهدم سهل جدا ولا يمكن أن تعيده بسهولة، لأن الخراب والتهديم يتم بسرعة، بينما البناء السليم وإعادة الثقة والنزاهة لا يمكن أن يعاد بناؤه بعد تمدد الخراب لفترة طويلة.
ولا يحتاج الامر إلى إحصاءات وبيانات، لأن الأمر يتم امام الاعين في اغلب الدوائر، لأن تكرار الامر يولد الاعتياد ويسهل القناعة بالخراب.
ولنا امثلة كثيرة على ذلك فكم من شاب حصل على التعيين في دائرة معينة بعد أن دفع(المقسوم) من مال عائلته حتى يضمن (مستقبله) ولا يطالب الحكومة بحصته من الحقوق لأنه اخذها بماله الخاص. وهو يسعى لتعويض ما خسره من الذين يأتون بعده فيسحب منهم المال ويعينهم معه، والكل مشترك وصامت، وياويل من يتحدث عن الامر من الناس، الذين يحافظون على سمعتهم الوظيفية واخلاقهم، لانهم سيكونون افرادا ضمن جماعات لا ترحم وتريد ان تحافظ على مكاسبها التي حصلت عليها بالسحت الحرام والرشى والفساد المالي. إن وراثة الفشل من أصعب الامراض التي اصابت مجتمعنا، ولا يمكن ان نعالج الامر بسهولة، وهذا ما إثر على التنمية وعلى البنى التحتية وعلى قطاع الصحة والتربية والقضاء. ولن نقترح حلولا لهذا الامر، لأنه مرهون بأهل الاختصاص والتدابير الحكومية وأولها الاتمتة التي تقضي على الروتين وتضمن الحق دون التدخل البشري، الذي يحيل اية معاملة رسمية إلى امر مدبر لكسب المال الحرام دون رقابة أو حسيب. كل امنياتنا ان نبدأ بأول خطوة جريئة لقلب الصورة واستعادة القيمة الإنسانية للبشر واخذ العبر من المضحين والباذلين، من أجل نصرة الإنسان ومستقبله النظيف في كل شيء.