سعد العبيدي
انتهى من الأمد الأمريكي في العراق، عشرون عاماً، وبدأنا في العشرين الثانية، وحال العلاقة معهم، دولة هي الأقوى في العالم على حالها، غريبة في الطبع، يصعب وصفها معادية كانت أم صديقة؟ حليفة داعمة أم منحازة، تضع العصي في العجلة التي تدور؟ في خضم هذه العلاقة الشاذة يعترف لها كبار السياسة وصغارها، أنها من أزال نظاماً ديكتاتورياً، لا يمكنهم إزالته بجهودهم الشخصية لعشرات مقبلة من السنين، لكنهم لا يعترفون لها بالحق في استثمار جهد الازالة وكلفها كما هو معهود، وفي السياق ذاته، يتعامل معها ذلك الجزء الفائز في الانتخاب، المشارك في حكم البلاد عدوة لدودة، يقاتلها بالسلاح الأبيض من أجل إرغامها على الخروج مهزومة ذليلة من كل شبر في البلاد، عندما يكون وجوده السياسي خارج الكابينة الوزارية، ويتعامل معها شريكاً يستشار في توزيع العقود والاستثمار، وربما الاستئذان للترشيح إلى مناصب عليا مهمة، عندما يتحمل المسؤولية الأعلى في الحكم، وعلى منوال العلاقة الغريبة هذه، يُسمِعُ سفيرتها من في الحكم وخارجه كلاماً معسولاً، وهي تتجول في الأرجاء، تقابل من تشاء، تنصح من تشاء، ويوصفها بالخبث والعداء حال خروجها من المكان، ويهدد سفارتها قصفاً بالوقت الذي يراد له ويشاء.. إنها علاقة في السياسة والاقتصاد والمال غير سوية، أسهمت مع عوامل أخرى في خسارة عشرين عاماً كان يمكن لها أن توفر فرص بناء أحسن للعراق بالاستفادة من القدرات التي يمتلكها الأمريكان، وأمن أوفر من خلال المظلات الأمنية التي يوفرونها كأقوياء، واستقرار أضمن من تفادي إثارة المشاكل والاضطرابات العمدية التي تنتج عرضاً من سوء العلاقات، هذا ولكي لا نخسر عشرين عاماً أخرى من عمر بلادنا الفتية لابد من حسم العلاقة مع هذه الدولة المستفحلة، وتحديد صيغتها والتعامل معها بشكل شفاف، وإعطاء المجال لمن يستلم الحكم في إدارة تلك العلاقة التي تحتم مصلحة العراق في أن تكون ودية على الأصعدة كافة، كما فعلها اليابانيون، والألمان، والكوريون من قبل، وتقدموا بسببها إلى الأمام.