هل استفاد الريف من الأتمتة الحديثة؟

آراء 2024/04/23
...

  رعد كريم عزيز

مع التطور الحديث في وسائل الإنتاج في القطاع الزراعي/ الصناعي عالميا، أصبحت الحياة في الريف مطمحا للباحثين عن الراحة، بعد متاعب مسيرة حياتية مضنية في العمل.
ولكن أغلب التطور الآلي في الزراعة لم يصل فعليا إلى الريف العراقي، والكثير من الممارسات الزراعية بقيت بدائية وتحمل في طياتها قسوة بدنية تجهز على الحيوية الفعالة لدى الانسان.
ويعود هذا التخلف عن الركب التطوري والاتمتة إلى البناء القديم، الذي عاشه الفلاح العراقي تحت رحمة هبات الحكومة التي تجهزه بالسماد والجرارات الزراعية والبذور، وتكافح الامراض والآفات، حتى أصبح الفلاح ينتظر المطر، ليسقي الزرع وينتظر الحكومة كي تمنحه من هباتها، والتي تتأخر أحيانا عن موسم الحصاد والجني. نسوق هذه المقدمة كي نذكر ان العمل ضمن القطاع الخاص في العراق ضعيف جدا، ولا توجد مشجعات على الابتكار مثلما نشاهد ونسمع في الاخبار عن المسابقات في القطاع الزراعي في انتاج خضراوات وفواكه، يبتكر أصحابها طرقا تزيد من الإنتاج وتحسنه، ويحوز على انتاجه جوائز مجزية.
ومن المحزن ان نشاهد مزارعا يشتكي وينوح، طالبا السماد والبذور، وكأنه موظف حكومي يعيش على المعاش الشهري.  
بينما قدمت لنا بعض الشخصيات المبتكرة أيام السبعينيات مثل سيد ضايع رحمه الله في ريف ما يسمى السياحي في الحلة، وعلى ما أتذكر أنه قدم امثلة عملية على زراعة العنب بعناقيد كبيرة، لم تكن يومها موجودة في السوق العراقية، والاجمل من ذلك أنه قدم ابتكاره في الزراعة، من خلال ندوة عشتار الأدبية في بناية دور الثقافة الجماهيرية في منطقة باب الحسين وسط الحلة، والتي تحولت لاحقا إلى دائرة تجنيد الحلة.
لقد تربينا على الشعر والعنب والنقد والسرد بكل انواعه مع رائحة الزرع والحديث عن الابتكارات في قصيدة النثر، وفي طريقة إكثار الإنتاج الزراعي المميز. ورغم أن تلك المشاريع تعثرت ونسجت الحرب خيوطها على الحياة المدنية، إلا أن إعادة الاحلام لا يفسد للإنتاج قضية، ولنا امل في مجموعة من الشباب الذين يزرعون في قطع أراضٍ زراعية في الريف، مستفيدين من ابتكارات وتعاليم ودروس الانترنيت، حتى أصبحت مزارعهم نموذجا للجمال والزهور والإنتاج للعديد من الخضار والفواكه رغم صعوبات توفير المياه.
ولعل الدولة إذا اعادت توزيع الأراضي الزراعية البعيدة في أطراف المدن، وفق شروط الإنتاج والمتابعة، لأصبح عندنا انتاج وفير ومبتكر، وفق تنافس شريف للحصول على المراتب العليا في الأفكار والإنتاج. وطريق الاحلام معبَّد بالأمنيات، وليس هناك من مستحيل خاصة إذا اعتمدنا التخطيط، وحساب الجدوى بالاستعانة بذوي الخبرة والممارسة.