محمد حسن الساعدي
بعد مرور اكثر من ستة أشهر على طوفان الاقصى والهجوم الذي قامت به حماس على المواقع الاسرائيلية، بانت ردة فعل الادارة الأميركيَّة على هذه الهجمات، حيث كانت ردة فعل بايدن نابعة من القراءة الخاطئة للسياسة الداخلية لواشطن، وهذا ما جعل إدارة بايدن تدفع الثمن جراء تهورها في هذا الملف الحساس، والذي فيه إعلان حرب واضحة ضد الفسطينين، وإبادة جماعية بكل معانيها، وخروج عن السياق العام لأي أدبيات الحروب الحديثة، والتي يكون فيها العزل بعيدين عن الاستهداف المباشر.
تباينت العلاقات الأميركيَّة- الاسرائيلية كثيراً وخصوصاً في عهد الرئيس الامريكي»جو بادين» والتي لم تكن بالأحسن، فقد أثار الفيتو الامريكي ضد إسرائيل، تحفظاً كثيراً لدى الكيان الصهيوني، إذ أثار هذا القرار غضب نتنياهو وعلى أثرها ألغى زيارة كانت مقررة إلى واشنطن، فالانتخابات الأميركيَّة على الأبواب بالإضافة إلى السياسة الداخلية الأميركيَّة، التي أثرت كثيراً على وجه واشطن أمام العالم، وجعله عاماً صعباً أمام بايدن، الذين يتوقع أن يخوص انتخابات مصيرية لوجود السياسي، بالاضافة إلى الدور الامريكي في الأزمة الفلسطينية، والتي كانت لها الدور الاكبر في خلافاتهم. جو بايدن كان له الدور المؤثر في أحداث غزة والمذابح اليومية، التي يقوم بها الكيان الاسرائيلي بدعم مباشر من واشطن، وانعكس ذلك من فريق المستشارين، الذي كان يعكس موقف اليمين الاسرائيلي، ما دعا النشطاء في العالم يعلنون دعمهم للفلسطينيين، ويؤكدون دعوتهم في ضرورة معاقبة «بايدن» والذي كان المساهم الاكبر في مذابح غزة وباقي المدن الفلسطينية، وأن الازمة بدأت تتفاقم خصوصاً بعد الدعوى، التي تقدمت بها جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية «لاهاي»، وطريقة التعامل الخاطئة مع هذه القضية من قبل واشنطن واعتبرتها سياسية، الامر الذي أثار تحفظات المجتمع الدولي بشكل عام.
إدارة بايدن حاولت توجيه الرأي العام الدولي من خلال الدعوة «لحل الدولتين»، وهي محاولة لترميم الوضع السياسي الداخلي وإيجاد الحلول المناسبة لإيجاد حوار مشترك بين الفلسطينيين والإسرائيليين، كما يأتي في السياق ذاته تبييض صورة واشنطن امام مواطنيها في العمق الامريكي، خصوصاً مع اقتراب موعد إجراء الانتخابات الأميركيَّة، حيث بدت الأزمة الفلسطينية ذات تأثير مباشر يمكن أن تؤثر في شعبية «جوبايدن» الذي يراهن كثيراً على ولاية ثانية. العالم بدأ ينظر أن الإدارة الأميركيَّة متواطئة في جرائم الحرب الإسرائيلية، وأمسى واضحاً هذا الأمر في أنه أكبر من قدرة بايدن على التعامل معه، وهذا ما عكس امتناع الادارة الأميركيَّة التصويت على القرار رقم 2728، الذي عكس اعترافاً رسمياً ومتوافقاً مع مواقف معظم دول العالم، التي تركز اهتمامها على تخفيف المعاناة تجاه الفلسطينيين، ما جعل خصوم الولايات المتحدة، كالصين وروسيا، يركضون نحو استغلال هذا الموقف من أجل إذلال واشنطن.
حسابات الرئيس بايدن الداخلية انقلبت رأساً على عقب فجأة بسبب الغضب الدولي، مما قوض مكانة الولايات المتحدة بين العالم، إذ كان خطأ بايدن استبعاد الفلسطينيين تماماً، ومواجهتهم عسكرياً في الرد على أحداث 7 تشرين الأول، لذلك وجدت إسرائيل المبرر في رفع القيود على ذبح الفلسطينيين، وقطعت شوطاً طويلاً في مشروعها الاستيطاني، بحيث لا تسمح بإقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة، ونجحت في تعويم العلاقة في ما بينها وبين الحكومة الفلسطينية، والتي هي الأخرى وقفت عاجزة أمام هذا التوحش والايغال بالقتل، وهذا ما اعتمدت عليه تل أبيب في موقف واشنطن، التي عملت عليه منذ عقدين في تجاهل القضية الفلسطينية، بالمقابل عمدت إلى توسعة المستوطنات الإسرائيلية بقوة. إن محاولة بايدن صنع رأي عام أمام الفلسطينيين، والتغطية على الجرائم الإسرائيلية في غزة لن تغيرا حقيقة أن واشنطن، هي التي جعلت هذه الجرائم ممكنة إلى الآن، ولولا هذا الغطاء والدعم اللامحدود لتل أبيب، لما ذهبت الاخيرة إلى التفنن بقتل الأبرياء العزل.