استثمار خبرات المتقاعدين

آراء 2024/04/29
...

  ابراهيم سبتي

هل ينبغي الاستفادة من الموظف المتقاعد بعد انتهاء خدمته المدنية؟ أعتقد أن الجواب ملتبس قليلاً، لأن كل الأجوبة الجاهزة تقول بأن المتقاعد لا يستطيع عمل اي شيء بعدما اعطى كل ما عنده اثناء خدمته، وصار تاريخا مرّ ومضى وركن نفسه بجانب الحائط متفرجاً لا اكثر. ويستدل البعض على هذا القول باعتبار أن السن التقاعدية المعمولة به في القانون، وعدد السنوات التي قضاها ونالت منه واجهدته، لا يُسمحلن له بالقيام باي نشاط، لأنه سيعاني في هذا العمر، من امراض الشيخوخة التي تنتظره أو قل ربما هو مصاب بأمراض مزمنة اصلا فيتعذر زجه في اية اعمال تجهده أو تنال من وضعه الجسدي المتعب. ولو تفحصنا الامر بدقة وبدراسة جميع الجوانب الصحية والعقلية والفكرية والخبرة المتراكمة، علينا ان نخرج بنتيجة تقول بأن جزءا كبيرا لا يستهان به من المتقاعدين سيكونون سعداء بالعمل ثانية في دوائر الدولة أو في القطاع الخاص. وهنا يمكن للخبرات المتراكمة أن تلعب دورها الصحيح والفاعل في المساهمة والمشاركة في اي دور يناط بهم. ان البعض من الذين خرجوا من الخدمة الفعلية، كانوا يعملون بصفة خبير أو طبيب اقدم أو مدرس اقدم أو موظف متميز أو اكاديمي ناجح.. هؤلاء هم نخب متميزة يمكن الاستفادة من انشطتهم الذهنية والفكرية والعقلية في منح المشورة لإنجاز عمل ما أو تنفيذ برنامج معين. اما الاعتذار أو وضع الصعاب امامهم مقدما لعدم استقدامهم للعمل ان وجد، فهذا امر يجب اعادة النظر به ودراسته بتركيز والنظر إلى مدى امكانية بعض العقول في رفد الساحة الوظيفية أو القطاع الخاص بمعلومات وخبرات قد لا يمكن العثور عليها بسهولة. ان المتقاعد المنتج، هو ابن الدولة وابن المجتمع وسليل الوظيفة مهما كان نوعها. وقضية الاستفادة من خبراته ربما تصنع تقليدا يمكن السير بموجبه من اجل تمكين المتقاعد من اصحاب الكفاءة والخبرة، من دمج خبراته في الاعمال والتخصصات التي تحتاجها لرفع منسوب تطورها. إن الخبرات المتراكمة جاءت من خلال السنوات الطويلة، التي بذلها الموظف في خدمته ولم تكن من السهولة ان تصنع خبيرا أو عقلا منتجا ما لم يكن هو من استطاع ان يوظفها في المجال الصحيح.
إن إعادة بعض هؤلاء الذين أعطوا الكثير وبذلوا عصارة جهدهم وافكارهم لخدمة الوظيفة، سيكون نوعا من تثمين قدراتهم ومنحهم شعور الاهتمام وتعزيز الثقة بانفسهم بعد مغادرتهم للوظيفة.
إن هؤلاء أو لنقل من يستطيع العمل ثانية، قد قدموا اثناء الوظيفة الكثير من الخدمات والعطاء وتجاوزوا الكثير من العقبات والصعوبات والخسارات التي صادفوها في حياتهم الوظيفية. لذا اعتقد أن الاستفادة من مهاراتهم وسلوكياتهم قد يبث الثقة والصدق في نفوس الموظفين الشباب الذين يمكن ان يتعلموا الخبرة والاتقان والابداع والاجادة وعكسها في واقع العمل، الذي يتطلب منهم التميز والابتكار. ان الاستفادة من المتقاعدين الاكفاء والذين يستطيعون تقديم خبراتهم دون مصاعب، هو السبيل بأن يكونوا قد ساهموا في بناء مجتمعهم الذي هم جزء منه واعادة الثقة بقدراتهم ثانية.