ما لم يفعله العرب

آراء 2024/04/29
...

سعد العبيدي

خرج آلاف الطلاب الشباب من مدرجات الدراسة في عشرات الجامعات الأمريكية هذه الأيام الحرجة في حرب إسرائيل على غزة، ليتظاهروا نصرة للحق الفلسطيني في العيش مثل باقي الشعوب، وللاحتجاج على دولتهم العظمى أمريكا لدعمها إسرائيل بالمال والسلاح، ما دفعها ويدفعها إلى الاستمرار في قتل الفلسطينيين، وتدمير بنيتهم الأساسية للحياة، وللاعتصام في خيم رمزية، تحدياً إلى الشرطة المحلية التي وقفت بالضد من توجهاتهم وآرائهم، ووجهت الاتهامات لهم بمعاداة السامية. إنهم طلاب أمريكان وزملاء لهم من جميع الجنسيات، شعروا بالمهانة الأخلاقية بسبب سلوك دولتهم المنحاز إلى إسرائيل، وحزموا الأمر على رفضه، بل وتقويمه من خلال الضغط النفسي على الرئيس، وسلطة القرار في الحزب الديمقراطي على وجه الخصوص، وسيحققون ما يريدون، أو بعض مما يريدون على أقل تقدير، خاصة أن احتجاجاتهم تكبر، وأصواتهم ترتفع ليس في أمريكا فقط، بل وفي جميع دول العالم بينها إسرائيل، باستثناء الدول العربية التي تغط شعوبها في سبات سياسي وأخلاقي عميق، مع بعض الاستثناءات البسيطة، وكأن غزة ليست ضمن منطقتهم وأمنها من أمنهم، أو أن الغزيين ليسوا عرباً منهم، وموتهم بهذه الطريقة البشعة سيضعف الأمة ويزيد من احتقارها لذاتها المريضة، أو أن الفلسطينيين ليسوا مسلمين، ولهم مع الإسلام تاريخ مشترك، ومحوه بهذه الطريقة سيضعف الدين الإسلامي الذي يتزايد ضعفه يوماً بعد يوم.
إنها معادلة نفسية في المواقف، والاتجاهات تدل على أن العرب في هذه الحقبة الزمنية هم الأضعف قيمياً من بين الأمم، وتدل أيضاً أن المسلمين مشغولون بقضاياهم الدنيوية الخاصة، وان إيمان رؤسائهم بالدين مجرد شكليات يستغلونها للبقاء على عروشهم، وتدل كذلك أن سكوت العرب والمسلمين الآن في هذه المحنة الأخلاقية، سيجرهم إلى صراخ شديد في المستقبل، على يد الاسرائيليين الذين يتمدد نفوذهم في عموم المنطقة العربية يوماً بعد آخر بسبب هذا السكوت، عندها سيعضون أصابع الندم، كما فعل أجدادهم في الأندلس وبغداد أواخر حكم العباسيين.