عبد الهادي مهودر
كان افتتاح مراكز التسوّق الكبيرة (المولات) في العاصمة بغداد في مقدمة المؤشرات على استتباب الأمن وعودة الحياة الطبيعيَّة، ولم تكن العاصمة جاذبة للمستثمرين ولرأس المال الذي يوصف بالجبان، لأنّه يتردد بالدخول في مشاريع تجاريَّة وسط بيئة غير آمنة، إلى درجة أن المستثمرين عرضت عليهم أراضٍ مجانية لتشييد (مولات) وقلة منهم امتلكوا الجسارة وفازوا باللذات والإقبال الشديد، وأصبحت لبغداد مراكز تجارية كبيرة وراقية تضاهي نظيراتها في العواصم الكبرى، ثم تسارع بناء المولات بشكل مثير وزائد عن الحاجة حتى كان لافتاً استمرارها بالعمل من دون تحقيق أرباح وجدوى اقتصادية مما أثار شكوكاً وشبهات عن وجود عمليات غسيل أموال واسعة، لكن تمكّن أجهزة الدولة واستقرار الأوضاع في بغداد وعموم العراق والانفتاح وكثرة السفر وتعدد المنافذ التجارية وخيارات الزبائن وخدمات التوصيل، وأسباب أخرى خفية، جعل من المولات الكثيرة مجرد واجهات للعرض ومناطق مناسبة للمواعيد من دون حركة شراء وطلب، وتشهد مدينة بغداد في الأشهر الأخيرة حالات هدم وإغلاق لعديد من مراكز التسوّق (المولات) وتحويرها وتجزئتها لفقدان الجدوى الاقتصادية او لتحقيق الغرض وانتفاء الحاجة، او لانقطاع حبال غسيل الأموال، وإذا كانت المراكز المغادرة قد أغلقت أبوابها للسبب الأخير المتعلق بالفساد وغسيل الأموال فلتذهب غير مأسوف عليها، ومن حسن حظ العاصمة بغداد أن تكون فيها مراكز تجارية موثوقة ومحددة وكافية وغير مشبوهة خير من أن تغرق بالمراكز التجارية المريبة والخاوية، واذا كانت لافتات التنزيلات الهائلة العلنية لها ما يبررها في نهايات المواسم، لكن (التعزيلات الهائلة) تمت بصمت تام ومن دون سابق إنذار، وهو سلوك لا يمارسه أصحاب الشركات ورؤوس الأموال المحترمين الذين لا يتجاهلون الزبائن ولا يغلقون الأبواب في وجوههم فجأة من دون توضيح واعتذار وبيان للأسباب الموجبة، ما يرجّح فرضية انقطاع حبال غسيل الأموال ووجود دور مؤثر وضاغط للأجهزة الأمنية والنزاهة والرقابة والتحقيقات، فهل من رد وتوضيح من الجهات الرسميَّة المسؤولة لكشف الحقيقة والأسباب والإجراءات، فزاوية ردود المسؤولين في الصحف العراقيّة خاوية وميتة ورحم الله من أحياها، او توضيح وإعلان من المشبوهين لكشف المبررات ودفع الشبهات ولإبراء الذمم من تهمة غسيل الأموال؟.