القانون كسلاحٍ شخصي

آراء 2024/04/30
...

 سلام مكي

عندما يمتلك أحدنا سلاحا شخصيا، يحصل على جرعة كبيرة من الأمان، باعتبار أن السلاح كالمسدس مثلا، يستخدم كوسيلة فاعلة للدفاع عن النفس عند التعرض لمحاولة اعتداء أو اغتيال، وحمل السلاح، كما هو معلوم، الأصل هو التجريم، لأن القانون العراقي، اعتبر أن حمل البندقية أو المسدس، فعل مخالف للقانون، لكنه استثنى فئات محددة، وسمح لها بحمل السلاح،

بعد أخذ الموافقات القانونية، وأخذ الرخص من الجهات المختصة.

فالمنتسب للقوات الأمنية يحق له حمل السلاح بحكم عمله، وهناك أيضا فئات أخرى، سمحت لها السلطات بحمل السلاح، بعد تقديم طلبات أصولية، نظرا لكون تلك الفئات مستهدفة من قبل جهات خارجة عن القانون.

والسلاح يستخدم لحفظ الأمن الشخصي ولحماية الفرد من الاعتداء الجسدي عليه. 

أما القانون، فهو أخطر من السلاح وأهم من المسدس والبندقية، القانون، لا يحتاج إلى موافقات رسمية لحمله، لا يحتاج إلى انتساب إلى جهة أمنية أو عسكرية، بل يحتاج إلى وعي وثقافة عالية، تدرك بأن القانون، وسيلة فاعلة لحماية الفرد لا من الاعتداء الجسدي فحسب، بل من الاعتداء النفسي والاجتماعي والثقافي.

وفي ظل هذه الظروف الاستثنائية التي يمر بها المجتمع، وتعرض المنظومة القيمية إلى هزّات عنيفة، رافقت انتشار السوشيال ميديا، وتحمكها بعقلية الكثيرين، والرؤية السطحية للأشياء، جعلت من انتشار مظاهر الجريمة، كالنصب والاحتيال والسرقة، وتعاطي المخدرات، والقتل والاغتصاب، كلها صور لجرائم تحدث بشكل مستمر في أوساط كثيرة وفي أماكن عديدة، حتى داخل مراكز العمل وفي الشارع والسوق، والجامعة والمدرسة.. فالمخدرات انتشرت بشكل لا يصدق، وأصبح الشارع مليئا بها، أما ظاهرة الـ 56 فتحولت إلى أمر شائع وطبيعي بين أوساط عديدة.. الجريمة تحولت إلى ظاهرة، وكل زاوية في الشارع، هي مشروع جريمة نصب أو تعاطي مخدرات، يمكنها أن ترمي بك أيها المتجرد من سلاح القانون في هاوية اللا عودة.

لذلك ينبغي على كل واحد أن يتسلح بالقانون، أو يقرأ قانون العقوبات بشكل لا حدود له، ينبغي أن يقرأ قانون المخدرات والمؤثرات العقلية، وأن يقرأ القوانين التي تحميه من الانزلاق دون دراية في متاهات الجريمة.

المحاكم التي تشهد أروقتها وأماكنها عن قصص كثيرة ومآس لأناس وقعوا ضحية وشاية المخبر السري، أو ضحية الوثوق بصديق، أو ضحية الجهل بالقانون، ليتحولوا إلى مجرمين في ليلة وضحاها! إن قراءة القانون، يحمي الفرد من الجريمة، يحميه من الدخول في المناطق المسكوت عنها في المجتمع والتي تشكل ما يعرف بمنطقة الظل وهي تكاد تتجاوز بمساحتها الشمس، لتتحول إلى الأصل وليس الاستثناء. 

فكم من محكوم، دسّت له حبوب مخدرة دون علمه، وكم من ضحية نصب واحتيال نتيجة الثقة العمياء بالصديق والرفيق! لو أدركنا القانون وتطبيقاته في المحاكم، لعرفنا أن الوثوق بأحد هو قمة السذاجة، وافتراض الصدق مسبقا وحسن النية، يعني المجازفة بكل شيء.. لو وضعنا أمام أعيننا أن الخطر هو الأصل والأمان هو الاستثناء بكل تصرف أو فعل نقوم به، لو عرفنا أن القانون بمؤسساته لا يحمي من يجهله، لما تعرضنا بيوم من الأيام إلى غدر صديق أو خيانة شريك.. المحاكم الجزائية اليوم، تشهد تكدسا في الأوراق التحقيقية لمئات قضايا النصب، والاحتيال والسرقة والمخدرات، والسبب أما لسذاجة المتهم عبر وثوقه بصديق أو عدم علمه بخطورة الفعل الذي قام به.

إن معرفة القانون تعني أنك مسلح بسلاح قوي ومؤثر، لا يمكن لأي عدو أن ينال منك، ولا صديق يخدعك، يعني أنك بمأمن من نفسك أولا ومن الناس.

فهل سنلجأ إلى سلاح القانون كوقاية قبل أن نذهب إلى المحامي والمستشار، لغرض علاج الداء الذي دخل الجسم واستقر فيه؟