السلاح المنفلت: آفة نفسيَّة

آراء 2024/05/07
...

سعد العبيدي

استمر السياسيون في النداء ضد وجود السلاح خارج سلطة الدولة، المعروف بالسلاح المنفلت، واستمر الفائزون منهم في وضع فقرات في برامج حكوماتهم عند تكليفهم، تشير إلى ضبطه، دون التقدم خطوة نحو الضبط الفعلي بسبب تعقيد، وتداخل المصالح لمالكي السلاح، وفلسفتهم في استخدامه كوسيلة نفع، وتأثير على حساب مصالح الدولة وصحة المجتمع النفسية. ومع مرور الوقت، أصبح انفلات السلاح آفة، لها آثار نفسية سلبية على الحياة الاجتماعية، والصحة النفسية العامة، تلاحظ بوضوح في سلوك الاغتيالات التي تجاوزت الاغتيال السياسي إلى الشخصي والثقافي، وفي قتل الأزواج والزوجات، وفي استخدامه للتهديد، وفرض الفصول العشائرية، وغيرها من المؤشرات التي تؤكد وجود اضطراب سلوكي مجتمعي، يقترب من أن يكون عاماً... وضعٌ تفسره بعض النظريات النفسية بالإشارة إلى أن العيش تحت وطأة السلاح غير المسيطر عليه يزيد معدلات القلق، والخوف، والتوتر بين أفراد المجتمع، وتفسر أخرى لعالم النفس (ألبرت بانديورا) التعرض للعنف المجتمعي باستخدام السلاح عامل نماء لشعور الأفراد بالعيش في بيئة محاطة بالعنف والتوتر، مما يؤدي إلى زيادة مستويات الضغط النفسي والتأثير سلباً على الرفاهية النفسية التي يحتاجها الإنسان ليكون سليماً، هذا ولأن الإنسان جزء من النظام البيئي، فإن وجود السلاح بين السكان، واستخدامه غير المسيطر عليه يؤدي، حسب آراء أصحاب نظرية تأثير البيئة الاجتماعية، إلى تفاقم الشعور بعدم الأمان، مما يعرض السكان إلى إصابات نفسية واضطرابات سلوكية، والى اتساع النزاعات، وتدهور العلاقات الاجتماعية التي تضر بالاستقرار النفسي، والأهم من ذلك تأثيره على الأطفال والشباب، الذي يساهم وجوده بينهم في انتشار ثقافة العنف والتطرف، مما يزيد من حالات الاكتئاب، ويعزز رغبتهم في استخدامه كوسيلة للتعبير عن الغضب... خلاصة لا بد أن يدركها السياسيون، ولا بد من السعي إلى إنهاء هذه الآفة وإن خسر البعض في إنهائها قليلاً فهي خسارة لا تقارن بالخسارة النفسية الأكبر في حال استمرارها.