أ.د عامر حسن فياض
تتحكم المتغيرات الداخلية قبل الخارجية في تحديد مكانة الدولة في ظل التحولات الإقليمية والدولية. والمتغيرات الداخلية بأبعادها المجتمعية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، مهما كانت لا بد أن تكون متلازمة متناسقة ومنسجمة، لكي يكون الرحم الداخلي للدولة متعافياً لتعزيز مكانتها في محيطها الاقليمي والدولي. وبقدر تعلق الامر بتعزيز مكانة العراق، فان سؤال المكانة بأبعادها الثلاثية (الحضور والوظيفة والدور)
في المحيط الاقليمي والدولي، سيجد اجوبته الشافية الوافية بوحدة الخطاب السياسي الخارجي العراقي، ومن خلال النأي الايجابي بالنفس عراقياً عن الصراعات الاقليمية والدولية التي عانى منها العراق لسنوات طوال من عمره السياسي القديم والحديث ليدخل دائرة الاستقرار في تعامله التعاوني مع محيطه الاقليمي والدولي على وفق معادلة كسب الاصدقاء، وتحييد الخصوم دون ان يقع في مطب العزلة واشكالية القطيعة مع الآخر فذهب إلى سياسة ان تكون جغرافيته ساحة حوار لا تقاتل اقليميا ودوليا والى مثابات، لمد جسور لا حفر خنادق بين الأطراف المتخاصمة اقليميا ودوليا، وكل ذلك يتم ضمن مسار الحرص على بناء القدرات العراقية عسكرياً وامنياً واقتصادياً ومعرفياً في ظل ثابت. مفاده بأن العراق قدر له ان يكون قوياً وديمقراطياً معاً.
وفي سياق هذا الثابت وبه على العراق ان يتعامل مع التحولات الاقليمية والدولية، التي اصبحت القضية الفلسطينية بوصلتها، وكثيرة هي الاجتراحات الفكرية السياسية للقضية الفلسطينية بعد طوفان الاقصى، لشعب عَلم العالم الحرية ولم يتحرر بعد. وعلمه الخير ولم يصبه سوى الشر وظل معظم قادة العالم متصدين مستخفين بشعوبهم، وهم يعلمون جيداً ان مكانة بلدانهم في محيطها الوطني والاقليمي والدولي لاتتحقق دون تعافي جوانياتهم الوطنية ودون دعم فلسطين القضية الوطنية الانسانية التحررية.
نعم أن مكانة أي دولة لم تتحقق بعد طوفان الاقصى دون شيطنة الكيان الصهويني ورحمنة المساندين لمقاومته. ولا اعتبار لمكانة أي دولة دون النأي الايجابي عن شرور المشروع الغربي الامريكي الصهيوني الرأسمالي المتوحش بمواجهة الصهينة المستعربة والمتأسلمة وأنظمتها التطبيعية، التي لم تتجرأ توجيه سؤال إلى حكومة الكيان الصهيوني وداعميه الكبار والصغار عما يحصل في غزة وعما يجري في فلسطين المحتلة على يد هتلر العصر النتن ياهو.
إن عصرنا بعد طوفان الأقصى أصبح عصر مقاومات، وليس عصر مساومات مع الكيان وعصر إخراجات، وليس عصر إحراجات للحضور العسكري الامريكي من أراضي العالم ومحيطاته وسماواته. بعد أن أصبحت إسرائيل تتألم ولا تتعلم وأصبحت الولايات المتحدة الامريكية لا تتعلم إلا بعد أن تتألم.
إن أربع صفعات وجهت إلى مشروع الصهينة العالمية، الأولى صفعة طوفان الأقصى، والثانية صفعة صمود الشعب الفلسطيني، والثالثة صفعة تراص ووحدة الساحات المقاومة، والرابعة صفعة الوعد الصادق الايرانية، التي شكلت الرد والردع، وأسقطت الدرع الصهيوني، لتصبح خسارة مشروع الصهينة العالمي خسارة مبطنة وملونة بكل بطانات وألوان الخسارة، فهي خسارة استراتيجية لأطراف المشروع، إضافة إلى الخسارة السياسية والاعلامية، ليصح القول بأن مثقال مقاومات لهذا المشروع أبلغ من قنطار مساومات مع أطرافه.
إن مثقال المقاومات هو الذي اسقط الاقنعة وكشف التوحش وفضح المستور والمخفي عند المغفلين والحمقى والعجزة في بلدان العرب والمسلمين، الذين نصفهم عاجز والنصف الآخر متواطئ أسقط الاقنعة من أولئك الامريكيين والاوربيين الشركاء في الابادة، ومن هذا الكيان السرطاني الذي يقتل ليبيد ولا يقاتل ليحارب. إن مثقال المقاومات هذا كنس مبدأ الدفاع عن النفس بالابادة الجماعية، كما رغبت به الصهينة العالمية، التي شغلت العالم بخدعة حل الدولتين اللفظية وببدعة اسرائيل الديمقراطية وبكذبة الحريات الامريكية وبجدوى اعتدال الانظمة التطبيعية المستعربة والمتأسلمة وبلعبة انسنة التوحش الرأسمالي المؤدية إلى التفاهة أو الفوضى. أخيراً فإن ثقل مثقال المقاومة، يفوق كثيراً ثقل قنطار المساومة والعاقل يفهم.