قلب العالم بين طبول الحرب وقيثارة السلام

آراء 2019/06/02
...

وليد خالد الزيدي 
 

بالنظر إلى اتجاه الأحداث وانزياح المواقف في المنطقة الأكثر حراكا في أرجاء المعمورة والتي تعد الأغنى من حيث الامكانيات المادية والخصائص الطبيعية الاخرى التي تميزها عن بقية أصقاع العالم,وفي خضم التوترات بين إيران والولايات المتحدة الأميركية,يبدو أن العراق سيكون أول النازفين منها  والمتأثر الأبرز من مضاعفاتها,وفي ظل التصعيد المتبادل بين الطرفين والتهديد الذي تلوح به أطراف دولية,وتطرق طبول الحرب فيه جهات متعددة. 
يحاول العراق بجهود حثيثة أن يبعد شبح كورة النار عن حماها وتلافي أي تبعات من شأنها أن تؤثر في مصلحة شعبه وأمن المنطقة برمتها, حيث يأتي حراك الحكومة العراقية لمنع أي صراع عسكري استنادا إلى أهمية دوره الدولي بعد أن أصبح طرفا محوريا لإحلال السلام والاستقرار في المنطقة التي تعد قلب العالم النابض بالحياة ولكي لا يكون مساحة جغرافية تحاول بعض الدول تصفية حساباتها على أرضه, وبالرغم من اختلاف وجهات نظر العديد من أطراف العملية السياسية في العراق بشأن تحديد الموقف الرسمي من هذا الصراع فيما لو حصل,إلا إنها على ما يبدو تتفق جميعها إلى حد كبير في مدى انعكاساته السلبية على البلد وعلى مختلف الأصعدة, بيد إن تلك المسألة حفزت الحكومة العراقية ومجلس النواب وأطراف سياسية أخرى إلى الذهاب باتجاه التحركات الدبلوماسية بهدف نزع فتيل حرب محتملة بين إيران وأميركا تكون شعوب المنطقة ومنها الشعب العراقي الخاسر الأكبر منها, وقد تمثل هذا الحراك بإعلان رئيس الوزراء السيد عادل عبد المهدي عن قرب قيامه بزيارة إلى كل من واشنطن وطهران لبحث أوضاع المنطقة على خلفية التوتر بينهما لبحث سبل التهدئة وكسر الجمود في علاقاتهما.
ومن اجل إيجاد صيغة لحل الخلاف بينهما، ذلك لان نشوب الحرب سيضر كثيرا مصالح شعوب المنطقة على المستويين الأمني والاقتصادي,وتشير جميع الدلائل إلى انه سيسفر عن إغلاق مضيق هرمز وبالتالي تضرر اقتصاد المنطقة,لاسيما صادرات النفط العراقي  لكونه يمرر النسبة الأعظم منها عبر هذا المضيق.
وعلى ما يبدو إن مساحة التفاؤل بنجاح تلك المساعي قد توسعت وانعكست من خلال تأكيد السيد رئيس الوزراء على تصريح الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأخير بشأن إمكانية التهدئة،بينما أشار إلى إن زيارة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف لبغداد حملت موقفا واضحا
 وصريحا.
وهنا لابد من استهلال جملة من القضايا التي ستنعكس بشكل ايجابي على التحركات الدبلوماسية العراقية في حال نزع فتيل الأزمة في المنطقة وإبعاد مخاطرها غير قضايا الأمن والاقتصاد,منها رفع مستوى علاقات العراق مع محيطه العربي,وتعزز الروابط التاريخية مع دول الجوار الإسلامي,فضلا عن ذلك تزيد من ثقة المجتمع الدولي بأداء الحكومة العراقية ودورها الرائد في السلم والأمن
 الدوليين.
فالعراق دائما يسعى إلى أن يكون نقطة التقاء بين دول محيطه العربي والإقليمي ويكون لاعب أساس في استقرار المنطقة وعنصر بناء من أجل تمتين علاقات متوازنة مع جميع الدول اساسا على المصالح المشتركة للشعب العراقي وبقية شعوب دول المنطقة, والأمر الآخر لا يقل أهمية مما سبق ذكره وهو تمتين الجبهة الداخلية وتماسك الصف الوطني العراقي وتوحيد الخطاب بين مختلف أطراف العملية السياسية,بما يلزم من مقومات البناء الوطني وتجاوز الأزمات التي يمر بها العراق,كما انه يعزز من رصيده الدبلوماسي ويوسع  دوره الإنساني والحضاري ويقوي قراره السيادي ليكون منطلقا لبلد نام ومتطور.
تلك الأمور بدورها ستعمل أيضا وبشكل كبير على تنويع مصادر الدعم الدولي للعراق في مختلف مجالات الحياة,بما يمكن أن تسهم في العمل على إنجاح البرنامج الحكومي للسيد عادل
 عبد المهدي.
ومن اجل تعزيز اطر العمل الدبلوماسي العراقي هذا يجب أن تكون الجبهة الداخلية متينة,وأسسها رصينة,وانطلاقاتها فاعلة,من شأنها أن تقدم تجربة وطنية يسهم فيها العراقيون جميعهم بتنوع أطيافهم واختلاف وجهات النظر لديهم.