بغداد ملتقى العرب

اقتصادية 2024/05/12
...

ياسر المتولي 



على مدى يومين من الأسبوع المنصرم احتضنت بغداد مؤتمراً اقتصادياً تأطر بالقطاع المصرفي للبحث في أفضل السبل لإيجاد حلّ للتحديات التي تواجهها المصارف العربيَّة عموماً والقطاع المصرفي العراقي خصوصاً.

ولعلَّ لهذه التحديات أسبابها المختلفة من جانب ولها أهدافها من الجانب الآخر.

لسنا بصدد عرض الأسباب والأهداف إنما نبحث في الحل ولعلَّ أعقد مشكلة واجهتها المصارف العراقية هي في العقوبات الجماعية من قبل الخزانة الأميركية والبنك الاحتياطي الفيدرالي، ومهما كانت الأسباب وراءها سواء فنية بحتة أم سياسية (بامتياز) فإنَّ المؤتمر كان فرصة لعرض كل القوانين والمتطلبات والآليات التي يتعين الالتزام بها، ذلك عبر جلسات عمل متواصلة على مدار يومين، قدِّمت خلالها إيضاحات من قبل خبراء عرب وعراقيين ضالعين في هضم القوانين والضوابط الخاصة بممارسة التعاملات المصرفية مع البنوك العالمية وتحاشي الأخطاء والممنوعات.

وعلى أيِّ حال فإنَّ الصورة اكتملت بوضوح أمام المصارف العراقية، وكل منها وقف على الأخطاء غير المتعمدة وسبل تجاوزها، وفي موازاة ذلك اتضحت للجميع الأسباب والأهداف.

وفي خضمّ الجهود الحثيثة التي تبذلها الحكومة من جهة والبنك المركزي العراقي ورابطة المصارف من جهة، ومحاولاتها لتذليل التحديات التي واجهت وتواجه المصارف الخاصة العراقية والغبن الذي تعرضت له بعقوبات جماعية غير مسبوقة في أي دولة في العالم، والتي لها الأثر الملموس في استدامة عمل الجهاز المصرفي الخاص. 

رافق جميع تلك الجهود توجه حكومي جاد صبَّ في هذا الاتجاه وانعكس في نشاطات زيارة دولة رئيس الوزراء إلى الولايات المتحدة الأميركية وتكلل بعد ذلك باستقبال مميز من دولة الرئيس للوفود العربية المشاركة في مؤتمر التحديات الذي احتضنته بغداد الأسبوع المنصرم. واللافت والمفيد في نتائج المؤتمر هو حضور ومشاركة مصارف أجنبية مهمة، ما أتاح لها الوقوف على أسباب وملابسات العقوبات وتفهم الظروف المحيطة، ونعتقد أنها سوف تسوّق حاجة مصارفنا إلى مصارف مراسلة والتفاوض من خلال اللقاءات المباشرة وعلى نحو أفضل، ولاسيما بعد اتضاح الأسباب الفنية وراء العقوبات والتي يمكن تجاوزها في ما بعد وتنتفي الحاجة لها.رؤيتي إلى نتائج هذا المؤتمر أنه كان بمثابة وقفة تقويمية وبشفافية وحوكمة عاليتين لكل مجريات الأحداث والتحديات، ولاسيما بعد أن اتضحت الصورة جلياً أمام أصحاب الشأن.

ولا يخفى على أحد جهود الحكومة في محاولات معالجة الأسباب السياسية وحلها بالتفاوض، فضلاً عن جهود البنك المركزي العراقي المستمرة بهذا الاتجاه، وتمثل إحدى محاولاته لانتزاع قرارات رفع العقوبات، طالما أنَّ المصارف العراقية ستلتزم بمتطلبات وضوابط وتعليمات مكافحة تمويل الإرهاب وغسل الأموال بشفافية عالية.خلاصة القول تبقى بغداد ملتقى مهماً لكل دول العالم لحل وتصفير التحديات الاقتصادية والمالية وتسعى لتوحيد مواقف المصارف العربية إزاء التحديات العالمية.

نتمنى أنَّ رسالة المؤتمر قد وصلت إلى الجهات المعنية في دول العالم للإسراع بالحلول العادلة والمنصفة بعد كشف أسباب سوء الفهم بين الأطراف المعنية بكل شفافية ووضوح.