عصام كاظم جري
مُنذ أكثر من عشرين سنة تقريبا، ولا سيما بعد تغيير النظام السياسيّ في العراق، ونحن نسمع ونقرأ ونرى لتنظيم واستضافات لمؤتمرات ومهرجانات، وإقامة ندوات، وارتفاع الأصوات للدعوات إلى ملتقيات وحوارات ومحاضرات وإيفادات داخل وخارج البلد من قبل منظمات ومؤسسات وروابط ومنتديات واتحادات وجمعيات وملتقيات ونقابات ذات طابع مدني، من أجل تطوّير مفهوم الذات والقدرات والقابليات الفردية والإنسانيّة معا، وتنمية الفكر والثقافة والحرفة والصنعة ونبذ الخلافات الطائفيّة والجهويّة والقبائليّة.
وأحيانا تذهب الدعوات لأكثر أهمية من ذلك مثلا تغيير القناعات القديمة، والتي باتت كلاسيكية بحسب مفهوم الحداثة.
كثير من الأحيان نقرأ نظّمت عمادةُ كلية (كذا ) الأهليّة أو نظّم معهد (كذا) الحكوميّ ورشة عمل توعويّة وتنمويّة وثقافية فاعلة عن المخدرات أو المبادرات أو إدارة الوقت، أو شح المياه، أو مخاطر الجفاف، أو تمكين المرأة أو دستورية، كذا مادة قانونيّة في الدستور العراقي، فضلا عن حقوق الطفل وحماية الأسرة أو زراعة الشجر، ورفع النفايات وطلاء الجدران والحفاظ على النسيج الاجتماعي والوطنيّ والأسري.... الخ والسؤال هو: ما مدى أثر وتأثير تلك الفعاليات في التوازن بين تحقيق تطلعات الإنسان وتسابق الزمن؟ إن بعض تلك الطروحات عن التحديثات مجرد عنونة كبيرة وشعارات فضفاضة، ولا تغادر من حدودها المحصورة في مربع القاعة المحجوزة لها، لذا لا بدّ من إيجاد مخرجات جوهرية ملموسة على أرض الواقع، بعد كل ورشة عمل تطوّيرية، وينغي أن تتحقق نتائج تلقي بظلالها على الحياة العامة، والعمل بدقة في كيفية تحقيق التوازن، ومعالجة محور المخدرات أو هدر الطاقات أو خلق مبادرات فاعلة أو تلبية حاجة جمعية مشتركة، لاسيما ونحن اليوم نعيش زمن التقنية السريعة والحديثة المتمثلة بمواقع التواصل الاجتماعيّ، التي تسحب لحوزتها أغلب الأحداث التي نعيشها.
ومن الوجوب أن تكون أولوية المحاضرة أو الندوة أو الورشة معنية باستثمار الجهد والوقت والموارد البشريّة وغير البشرية، للنزول إلى الشارع ومماحكة الناس عمليا، وهذا العمل الميدانيّ والدّراسة الفائضة ستبعث نورا ثاقبا لجدوى المحاضرة أو الندوة أو اللقاء... الخ، وكشف أهم الاستراتيجيات الفعّالة لإدارة هذه الندوة أو تلك الورشة، بغية أن يكون المستفيد من هذا الأمر قادرا من التعرف عن كثب بأهمية تلك الندوات أو المؤتمرات أو الحوارات.
ويلتمس المخرجات والنتائج بصورة جلية، ومعرفة أدق تفاصيل العمل والارتفاع بالحاجه نحو الأفضل.
وما عدا ذلك تكون إدارة تلك الورش مهما كانت كفاءتها الإعلامية فقط، وهذا هو أحد أسباب مُضيعات الوقت والفرص، ولا بدّ من الوقوف على عيوب تلك الورش ومعالجتها، إن ترتيب أولويات حاجة الناس والتخطيط لها علميّا وعمليا دليل عافية ونجاح.
نعم أغلب المحاور والفعاليات التي جاءت بها منظمات المجتمع المدني محترمة جدا، ولا خلاف في ذلك، ومهما كان عملها مثمرا نحن نسعى، لتكون غاياتها تحقيق منفعة لشريحة كبيرة، ومهما كانت تحمل من مضامين مسؤولة فأنها تبقى جديرة بالاحترام والتقدير، وإن التواصل مع تلك المنظمات أمر مستحسن.
وبالمجمل تبقى المدنية الصورة المشرقة والمضيئة للأجيال.