زيد الحلي
الحمد لله، أنا لستُ من مدخني السكائر، وخلال سنوات عملي المبكر في الصحافة، دخنت مرات قليلة جداً، تشبها بزملائي الذين كانوا يكبرونني سناً، ثم ابتعدتُ عنها نهائياً، رغم كل مغريات السهر حيث كنا نجتمع باستمرار بعد انتهاء العمل في الصفحة الأولى من الصحيفة التي أعمل فيها، مع زملاء أكن لهم الاحترام.. لكني اعترف انني في الاعوام الاربعة الاخيرة حصل لي ميل الى تدخين (النركيلة).. في كل شهرين او ثلاثة شهور مرة واحدة، وهذا التدخين مقتصر على (لمة) أصدقاء محددين، يرأسهم الزميل د. طه جزاع، حيث يبادر الى طلب (النركيلة) لي حال اكتمال نصاب الحضور، لشعوره بأنني أرغب بها، وقد انضم مؤخراً، د.علاء الحطاب الى مشاركة د. طه في ذلك الشعور، لا سيما وهو خبير (النركيلة) الذي لا يُدانى.. وطبعاً أنا أفرح بمبادرتهما التي تضفي عليّ راحة وقتيّة، تناسب تعليقات الزملاء التي تنساب ضاحكة مع قرقرة ماء (النركيلة) خلال دورانه مع الدخان... أعلن هذا الاعتراف، بخجل، لمعرفتي بخطر تدخين (النركيلة).. وعزائي في ذلك معرفتي أن هذا التدخين، قليل الضرر بي، او هكذا أقنع نفسي، فهو طارئ ويحدث في السنة الواحدة 4 او 5 مرات فقط، وبوقت قصير...
قد يسأل أحد، ما هو مبرر نشر هذا الاستذكار (التدخيني).. فأجيب أن خبراً قرأته مؤخراً أذهلني، وآلمني، يقول إنّ العراق يحتل المرتبة الرابعة عالمياً باستيراد السجائر والتبوغ بعد إيطاليا وألمانيا وإسبانيا، وبقيمة تقدر بنحو مليار دولار سنوياً، وبعدد مدخنين يتراوح ما بين
14 - 15 مليون مدخن، معظمهم من الشباب.. هذا للسكائر فقط، ما عدا تبعات (النركيلة) المعروفة بهياكلها المتعددة و (المعسلات) الخ.
أنا مثلكم، أدهشني الرقم فعلا، خصوصاً سعة حجم استيراد مادة تتبخر في الجو مسببة الأمراض والهلاك لملايين المواطنين، كونها بعيدة عن رقابة الجهات الرقابيَّة، ولا تمسها اجهزة التقييس والسيطرة النوعية حيث اصبح فضاء الاستيراد عائما من دون رقابة الضمير، وبحسب المعلومات فإنّ الكثير من هذه السكائر تُنتج في مصانع
عائمة في اساطيل من البواخر في البحار القريبة والبعيدة، وما يزيد سعة الجرح المجتمعي، بهذه الجزئية هو ازدياد الطلب على هذه المادة التي تسبب نزفا في صحة وجيوب المواطنين...
إنّها حالة تدعو الى الرثاء، والى وقفة جادة.. وشخصيا، لا أملك نصائح لوقف هذا الامر، وأتركه لمن بيده الأمر !